سامى صبرى
د. ثريا البدوى وزيرة الفيسبوك
< يرى كثيرون أن ثقافة الفيسبوك تحولت إلى ثقافة «المنظرة»، والاستغلال السيئ لمناخ الحرية المتاح ، والفهم الخاطئ لمعنى المسئولية، وقد أتفق مع هؤلاء نسبيا، ولكننى أختلف مع الذين يعتبرون (اللجوء الفيسبوكي) فراغا نفسيا، واستخداما خاطئا للتكنولوجيا، وأميل إلى الرأي الذي يحتفي بصفحات التواصل الاجتماعى، ويعتبرها نوعا من الاعلام الجماهيرى الجديد، الذي لا يختلف اثنان على أهميته، وقدرته في تشكيل الرأي العام، بل وإقالة وزراء ومسئولين كبار، ليس لدينا فقط بل في العالم، ولنا في اندلاع ثورة 25 يناير، وخروج وزير العدل المصري السابق من الحكومة، بسبب تصريحاته حول ابن عامل النظافة، أقوى دليل على قدرة الفيس على الحشد والتغيير.
< وفي محاولة منها لتسخير التكنولوجيا لخدمة المجتمع والدولة ، ولكي تثبت أن ثقافة الفيسبوك ليست كلها هدامة ولا إباحية ولا مستغلة للحرية، فاجأتنا الدكتورة ثريا البدوى أستاذ العلاقات العامة والرأى العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بصفحة على الفيسبوك عنوانها «من حقى أن أكون وزيرة للتعليم العالي»، الجديد في الفكرة، جرأة الأستاذة الأكاديمية في طرح قضيتها وقضية كل امرأة مصرية في أن تكون وزيرة لوزارة مهمة ومؤثرة، كوزارة التعليم العالى، التى تعتبر عصب تنمية أى دولة وأساس نهضة كل أمة تنشد التقدم العالمي، وأعتقد ان هذا هو السبب الرئيسي وراء هدفها من أن تحدد طموحها في أن تقود امرأة مثل هذه الوزارة التى تشكل عقول المصريين، وتتحكم في توجيه أفكار وآمال الشباب.
< باختصار شديد، تريد الدكتورة ثريا أن تقول: إن المرأة المصرية وكما أثبتت نجاحها كوزيرة للتأمينات، وللقوى العاملة وللتضامن الاجتماعى (المعاشات)، فإنها شبت الآن عن الطوق، ولديها من الامكانات العلمية المحلية والدولية والخبرات الاجتماعية والعملية ما يؤهلها لأن تتولى مهام أى وزارة أخرى مهمة كالتعليم العالى والخارجية وغيرها، فهى لا تقل كفاءة ومقدرة عن شقيقها الرجل في هذا المجال، بل إنها ربما تكون أسرع في الإنجاز، بصبرها ومرونتها وتحملها، وإذا ما وفرت لها الارادة السياسية والمجتمعية المناخ اللازم للعطاء.
< الجميل في الفكرة، انها لاقت رواجا وقبولا لدى مجتمع الفيسبوك، وأصبح لها حملة لدعم أستاذة العلاقات العامة والاعلام، والأجمل أن مجموعة كبيرة من الشباب الذكور يدعمونها، وهو ما يعكس قدرة (الفيسبوك) على تغيير الأفكار او تقديمها للمجتمع بشكل جيد ، بغض النظر عن إمكانية تطبيقها واقعيا من عدمه، وبهذا يصبح الفيسبوك بمثابة (معمل لتفريخ الأفكار الجريئة) وهو ما حاولت البدوى ان تقوله خلف ستار صفحتها.
< ومثلما رحب بالفكرة كثيرون، رفضها البعض، انطلاقا من ثقافة ذكورية خالصة تعاني منها المجتمعات النامية أو المتخلفة بشكل عام، وهى ثقافة تعتمد في كل شيء على الرجل، ولا تعترف بسواه كوزير وقائد أو رئيس فريق عمل، ومثلما مدحها بنات جنسها، هناك من وصف الدكتورة بالهبل وغيرها من العبارات غير اللائقة، لمجرد أنها قالت من حقى أن أكون وزيرة للتعليم العالى؟!
< ورغم أن الدكتورة ثريا البدوى قدمت عبر صفحتها، المعايير والشروط التى تؤهل المرأة لتولى مهام هذا المنصب الوزارى الحيوى، وكشفت لنا أيضا عن برنامجها أو خطتها المختلفة عما يقدمه شقيقها الرجل، من الطبيعى أن تواجه معارضة، ولكن تبقى محاولتها مطلوبة، لكى يأتي اليوم الذي نرى فيه وزراء قادمون بالفعل من رحم المجتمع، ولديهم رغبة أكيدة في خدمة الناس، بدلا من هذا الأسلوب المعتمد حاليا في اختيار الوزراء، والذى يعتمد في أغلبه على العشوائية، والشللية والمصالح والمحسوبية، ولعل دعوة البدوى تكون نافذة جديدة لوزراء يستندون إلى قاعدة جماهيرية عريضة ربما لم تصل إليها التجربة الحزبية.