المساء
أحمد معوض
كلمة ونصف .. ثقافة المتعة
في كل مرة أزور فيها الغردقة أو شرم الشيخ. يبهرني ثقافة المتعة عند الأجانب. ويشغلني ما يفعله هؤلاء البشر للاستمتاع بكل دقيقة في

حياتهم. بينما نحن مشغولون بما نسميه السعي وراء لقمة العيش. وكأن هؤلاء الأجانب لا يعملون في بلادهم ويفتحون أفواههم فيجدون الطعام

نازلاً لهم من السماء! نحن بالفعل ينطبق علينا المثل القائل "أم العروسة.. فاضية ومشغولة"!
الموضوع لا يتعلق بالغني أو الفقر. بقدر ما يتعلق بثقافة المتعة وحب الحياة. فتجد مجموعة من الشباب الأجانب يتضح من أعمارهم

وتصرفاتهم وملابسهم أنهم أغلب خلق الله. فتجدهم يستخدمون الميكروباص العام في تنقلاتهم والسوبر ماركت في أكلهم وشربهم والسعادة

علي وجوههم.
من ملامحهم ولغتهم تعرف أنهم من اليابان وروسيا وأوكرانيا وبلجيكا. تتحدث معهم تعرف أنهم طوال العام يدخرون من مرتباتهم للقيام برحلة

خارج بلادهم في إجازة الصيف. مرة في مصر وأخري إلي جنوب أفريقيا وثالثة إلي تايلاند.. وهكذا حتي نهاية العمر.
هو يعمل في محل جزارة وهي تعمل في رعاية النباتات. ومرتبه علي مرتبها. يصرفون منه طوال الشهر ويدخرون منه لإجازة نهاية العام. أما

موضوع الإنجاب فهو مؤجل إلي حين.
في كل مرة أشاهد مثل هذه الكائنات المُحبة للحياة. أحسدهم علي هذه الثقافة التي يتحلون بها. وأتحسر علي المواطن المصري الذي يشغل

نفسه منذ بداية التكوين بمصاريف المدارس وملابس العيد وياميش رمضان وأقساط الثلاجة والغسالة والتكييف والسيارة واشتراك الجمعية التي

لا تنتهي حتي بعد طلوع الروح. فالورثة يتوارثونها جيلاً بعد جيل!
عجباً لك أيها المصري. تنشغل بتأمين المستقبل حتي يضيع الحاضر ولا تلحق بالمستقبل! تنشغل بجمع أموال في البنوك مجرد رصيد قيمته

تقل ساعة بعد الأخري. وشراء أراض لعل ثمنها يزيد. وشراء شقق وعقارات لتأمين مستقبل الأولاد من قبل أن يكون هناك أولاد في الأساس.

تغيير السيارة عندك من الأولويات. المدارس الخاصة والإنترناشيونال أهم الأمنيات. السفر إلي الساحل الشمالي أقصي الطموحات!
أما عن الأدوات. فهذا أمر آخر مثير للسخرية وعجب العجاب. فعندما نظرت إلي الأدوات التي مع هؤلاء الشباب الأجانب. فوجدت نظارة

للمياه جهاز التنفس تحت الماء. واقي للقدم من الصخور. ومايوهات ومجموعة من الكريمات.
فتشت في حقيبتي فلم أجد بها سوي مجموعة من الشواحن شاحن الموبايل. شاحن اللاب توب. شاحن سماعة البلوتوث. شاحن التابلت. شاحن

الباورتانك. ومشترك للشواحن. و"بانتكور" تحت الركبة بالكاد أقنعت زملائي في الرحلة إنه "مايوه"!
حقيبتي فاضل لها 2 فولت وتنور. و"بانتكوري" فاضل له ربع متر قماش ويبقي "بنطلون". أما "المتعة" عندنا فليست "ثقافة" بل "فيلم ثقافي"!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف