الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
التعليم مرة أخري
مازالت مشاكل التعليم تلح علي عقول المفكرين والمهمومين بمشكل هذا الوطن.. معتقدين واعتقادهم- صحيح- أن التعليم هو أساس النهضة وعصبها ورئة تنفسها لتعطي الدليل القاطع أن الوطن به حياة وبه عقل يفكر وبه قلب ينبض.. قديمً قال شوقي أمير الشعراء:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبن ملك علي جهل وإقلال
هذا ما استشعره محمد علي باشا حين أراد بناء دولة قوية ومجتمعاً حضارياً يوازي الأمم التي كان يعاصرها.. ما نراه الآن ان مدارس تحمل أسماء أجنبية بمصروفات باهظة وعناية بكل شيء سوي اللغة العربية أساس قومية هذا الشعب وقوامه- هذه المدارس هي المنتشرة في عاصمة البلاد والمدن الكبري تتنافس علي الالتحاق بها أبناء أثرياء هذا البلد ممن حباهم الله أموالاً مشروعة أو غير مشروعة تفخر بأنهم التحقوا بها يدفعون إليها الآلاف أملاً في أن يحصل أبناؤهم علي علم لم يستطيعوا في الماضي الحصول عليه. إما لعدم وجود هذه المدارس بذات الكثافة الموجودة بها اليوم وإما لضيق ذات اليد حينها قبل أن يهبهم الله ما هم فيه.
لماذا تناسينا أن الأعم الأغلب من قواد هذا الوطن ومفكريه ومشاهيره من العلماء والأدباء والصحفيين حصلوا العلم من مدارس بلا مصروفات وفي فصول متواضعة إلا أن بها مدرسين محبون لعملهم يؤدون باتقان وإخلاص لتلاميذ يحترمون أساتذتهم ويجلونهم ويرفعون من شأنهم ذلك لأن هؤلاء الأساتذة ويحترمون أنفسهم فاحترمهم التلاميذ.
الإقبال المجنون من الأغنياء للالتحاق بهذه المدارس الأجنبية يجعل المدارس الوطنية في الذيل دائماً وينظر علي أنها مأوي التلاميذ الفقراء الذين لا يستحقون أن يحصلوا العلم من مكانه الصحيح.
ألم يأن أن ننتبه إلي إصلاح مدارسنا "المعلم والتلميذ والمبني". قدمت المعلم لأنه هو الأساس في العملية التعليمية هو الذي يُكوِّن التلميذ. هو الذي يربي العقل. ويهذب النفس. وهو الذي يجعل المدرسة لها قيمة مهما كان مبناها قديماً ومتهالكاً. إذ أن روح المدرس المحب لعمله. المخلص في أدائه. والذي يربط التلميذ به. وبالمكان الذي يجعل ذهاب التلميذ صباحاً إلي مدرسته عملاً جميلاً محبوباً إذ يلتقي بأساتذته الذين يزرعون في نفسه حب الوطن والفناء فيه. وعشق العلم والجري وراء كل معلومة تنيرله الطريق.
كم من التلاميذ ارتقوا وتفوقوا. وكان سبب رقيهم وتفوقهم هو المدرس.. وكم من التلاميذ كرهوا مادة معينة أو تخلف دراسياً بسبب أداء مدرس منفر وغير متوازن مع نفسه.
من ثم إذا أردنا أن نرفع التعليم وشأنه. نبني أمة ناهضة مستقرة. علينا تجهيز المدرس ورفع مستواه العلمي والأدائي حتي يكون أهلاً لقيادة الأجيال القادمة التي تتطلع أن تنهض لهذا الوطن وترد إليه بعض أفضاله.
نريد معلماً نقف له ونوفيه التبجيل لاعتقادنا أنه من فرط إخلاصه يكاد أن يكون رسولاً ليصدق شوقي رحمه الله تعالي في قوله:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف