المساء
أحمد عمر
قصور الحكومة
كم إعلانات عجيبة عن الفيلات والقصور الفاخرة تملأ الصحف والفضائيات والفيس بوك داخل قري خاصة أو مجتمعات مغلقة تحمل عادة أسماء أجنبية وكأنها تتبرأ من الأصل والواقع أو كان البلد جري طرحها للبيع في السوق العالمي لمن يدفع أكثر..!
المناطق تنحصر في ضواحي القاهرة شرقاً وغرباً.. وفي الساحل الشمالي والبحر الأحمر.. والأسعار تتعدي المليون جنيه للشقة الصغيرة يقول الاعلان أن مساحتها 90 متراً لكن في الواقع تجدها أقل من 60 متر "نص تشطيب".. والباقي تأخذ بثمنه مناور..!
يوجد أيضا فيلات بحمامات سباحة خاصة داخل "كومباوند" بأسماء أوروبية.. والسعر يتراوح ما بين 4 إلي 18 مليون جنيه و"إلحق الحجز" فالمتبقي كميات محدودة.. هكذا يقول الإعلان.. وتكلفة الاعلان تمثل جزء لا يستهان به من التكلفة الاجمالية للوحدات المباعة تصل إلي 30% وفقا للعرف الأمريكي في التسويق.. وتعكس كثافة الاعلانات ما كشفت عنه الدراسات من وجود فائض كبير في الاسكان الفاخر يقتضي هذه الحالة الاعلانية التي تتهافت علي الزبون.. وكلما تأخر وصوله زاد السعر بزيادة التكلفة علي المستثمر كنتيجة طبيعية لخدمة الديون أو القروض البنكية واستمرار نزيف المصروفات الثابتة للحراسة والصيانة.. وبزيادة السعر يقل الطلب وفقا للقاعدة الاقتصادية المعروفة علي نحو ينبئ بدخول الاستثمارات العقارية من هذا النوع في نفق مظلم .. صحيح أن الاستثمارات العربية والخليجية علي نحو أدق تمثل الجزء الأكبر منها.. لكنها في النهاية استثمارات مرحب بها في السوق المصري مطلوب تشجيعها وحمايتها لتقوم بدور صحي أكثر انتاجاً للواقع الذي لا أظنه يقبل طويلاً سلخ أجزاء منه بمسميات غريبة.. ولشعب يئن نحو ثلثه تحت خط الفقر.. وهو دور الحكومة الذي عليه أن تسعي بسرعة لتفعيله لتوجيه تلك الاستثمارات بالوسائل العلمية المعروفة في التوجيه غير المباشر من خلال فرض الضرائب ومنح الحوافز والامتيازات لتجعل المستثمر يترك "طواعية" مجالاً ويشتغل في آخر والأخر المطلوب هو الاسكان المتوسط علي الأقل.. الذي يقتصر حتي الآن علي المقاولين المصريين وهو مجال للغرابة ملئ بالثغرات والفساد والعشوائيات ومخالفات البناء القانونية والهندسية.. مطلوب من الحكومة العمل بسرعة علي تنقية هذه المنطقة من الاستثمار العقاري وأن توفر لها المناخ والحوافز التي تجعلها جاذبة للاستثمارات العربية في أسيوط وكفر الشيخ والدقهلية وسوهاج وغيرها من محافظات تمثل الواقع المصري وتنبئ أزمات الاسكان فيها بأرباح أكيدة لمشروعات الاسكان المتوسط وليس الفاخر.. ولتتفرغ مشروعات اسكان الحكومة بعد ذلك لخدمة محدودي الدخل ولا أحد سواهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف