داليا جمال
هبة السويدي.. تجاوزي أحزانك
هل لهم أجنحة.؟ هل تضيئ أجسامهم كأشعة الشمس ؟ وهل يحلقون في فضاء الكون حولنا بحرية أم يسبحون في الملكوت يراقبوننا عن بعد!! ورغم كل التساؤلات وكل التخيلات والاجتهادات لتخيل شكل الملائكة،الا أنه لم يتوصل أحد من البشر لحقيقة هذا اﻷمر..لكنني رغم ذلك يمكن أن أزعم بأنني حين عرفتها..أدركت أنني يمكن أن أصف ما يمكن أن يكون عليه شكل الملائكة.
هبه السويدي...سيدة مصرية لم يسعدني القدر بلقائها ولو مرة عابرة..ولم تسنح لي الفرصة للتعرف عليها وجها لوجه..لكنني لمحت طيفها في كل الحالات اﻹنسانية التي قدمت لها يد العون دون سابق معرفة، ورأيتها في كل مشاعر الحب التي أحاطت بها كل الشباب والشابات من مصابي ثورة يناير، مع كل صرخة ألم من مصاب..كانت هذه السيدة هناك تربت وتداوي وتواسي ،تبذل من مالها بسخاء لتعيد النور لعيون فقدت أمل البصر، وتعيد الحياة لقلوب شابة كادت تودع الحياة قبل أوانها، وتجبر كسور عظام تفتت علي تراب مصر من شباب يصرخ للحرية...
هبه السويدي...ليتني التقيتك ﻷحظي بنسمات من هذا النور الرباني الذي أحاطك به الله، وﻷتعلم منك عن قرب كيف يكون العطاء من القلب بهذا السخاء والفيض ممزوجا بآيات الحب ونسائم الرحمة، وﻷشهد بعيني كيف يمكن لقلب بشري أن يسع العالم كله حبا وحنانا... هبه السويدي سيدة من مصر.. علَّمت كل من حولها كيف يكون العطاء دون انتظار مقابل ،لم تظهر في وسائل.اﻹعلام لتقول ها أنا ذا..!! ولم تنشر ما قدمته علي صفحات الجرائد تمهيدا لاستخدامه للترشح الي كرسي البرلمان ،ولم تحسب اموالها وجهدها في أوراق تقدمها للضرائب لتحصل علي إعفاء !!
هبه السويدي... السيدة التي قدمت الخير واﻷمل والحب والحياة لمئات الشباب..لا تحتاج منا اليوم الا الي الصلاة والدعاء لها، بعد أن اختطف الموت ابنها الشاب «إسماعيل» في غفلة من الزمن.. اليوم...ادعوا لهبه السويدي أن يلهمها الله صبرا جميلا علي فراق ابنها، فقلبها الذي وسع كل شباب مصر دون تفرقة يحتاج اليوم منا الي الدعاء والصلاة ﻷجل صاحبة هذا القلب، ادعوا لهبه السويدي التي احتضنت آلام الجميع ومنحت اﻷمل والحياة للقلوب الموجعة أن يداوي الله تعالي جراح قلبها الكبير،وأن يسكب عليه سكينة من عنده،ليظل نابضا بالعطاء.. هبة السويدي...لا تحزني سيدتي..فهكذا هم الملائكة.. يبتسمون وفي قلوبهم أحزان تئن من وطئها الجبال..وهكذا هي اختبارات الله تعالي لمن يحبهم من عباده..أدعو لك الله بظهر الغيب أن تتجاوزي أحزانك وآلامك لتعودي إلينا من جديد، فكم من أم يدعو قلبها لك بظهر الغيب ،وكم من شباب يرونك أما ثانية لهم، وكم من شابات يروين عنك بفخر واعتزاز... سيدتي... كوني واثقة بأن «إسماعيل » ينعم في حدائق الرحمن في جنته الواسعة.. وأن ما عند الله أروع وأجمل من كل بقاع الارض..وان أعمالك الصالحه ومحبتك المخلصة ترافقه اليوم في الملكوت.. فلا تهني ولا تحزني...وليربط الله علي قلبك صبرا وسكينة وسلاما من لدنه بقدر ما قدمت وما بذلت لكل اولئك الذين لم تعرفينهم يوما...