الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ملاية لف ومنديل بأويه
كنا في أوائل الستينيات.. عندما دق جرس التليفون قبل التاسعة مساء بخمس دقائق تقريباً.. المتحدث علي زيوار مدير الكرة بالأهلي:
- خبر بمليون جنيه "هكذا انفجر قائلاً بصوت عال في التليفون".
- خير يا أبوالكباتن؟؟
- خير جداً.. صدر قرار بالإفراج عن طارق سليم وسأذهب غداً صباحاً من بدري إلي سجن الاستئناف لأتسلمه تعالي معي.
كان طارق متهماً بدهس بنت بسيارته!! خلال تعلمه القيادة!!
ثم استطرد علي زيوار قائلاً سيحضر تمرين غد وبعد غد ليلعب المباراة.. كان هذا يوم الثلاثاء مساء والمباراة بين الأهلي والزمالك في نهائي الدوري العام يوم الجمعة!!
لم أرد عليه بأي شيء.. تركته علي السماعة واتصلت بمسيو "شميت" مدير المطبعة ألماني الجنسية وطلبت منه تأجيل "كبس" صفحة الرياضة هناك تغيير هام جداً.. اتصل شميت بإبراهيم نوار رئيس التحرير الذي هاج وماج.. واتصل بي قائلاً بانفعال:
- المطبعة متأخرة أصلاً.. احنا ناقصين الرياضة يا عم عبده.
كنا أسرة لا زملاء لذا كان يناديني بما يناديني به أفراد الأسرة!! لأني كنت أحمل اسم أبي وجدي "عبدالرحمن".. قلت له الحكاية.. صاح مرة أخري وقال لي كلمة لم أنسها حتي الآن قال:
- العوض علي الله أنت نسيت الصحافة.. ده خبر صفحة أولي بالمانشيت الأحمر!! انزل المطبعة بسرعة واعمل التغيير.
تم بيع كل الأعداد وطلبت شركة التوزيع طبعة ثانية.. الإسكندرية وبورسعيد وغيرها تطلب أعداداً من "الجمهورية"!!.. قرر استاذي فتحي غانم تكريم علي زيوار بعد المباراة بحفل شاي في مكتبه مع شيك محترم!!
***
هذه هي الصحافة..
قالوا لي: لقد اخطأت.. لماذا لم تؤجل نشر الخبر يوماً مادام أنت وعلي زيوار فقط اللذان سيحضران مراسم الإفراج ثم سيعود معكما إلي النادي.. أما الآن طبعاً كل الصحف عرفت الخبر من جريدتكم وحضرت الإفراج!!
قلت لهم:
- بداية.. في الصحافة الحقيقية الخبر يفقد أهميته بمجرد تأجيله.. قالها علي أمين زمان.. الناس تأكل العيش البايت ولكن لا تقرأ سوي الخبر الطازج.. ثم الخبر كان سينتشر حتي لو لم نكن نشرناه.. فالإفراج المفاجئ عن نجم كبير في حجم طارق سليم قبيل مباراة قمة في منتهي الأهمية خبر هام سيقوله كل من في سجن الاستئناف لكل من يعرفونهم ولو بالتليفون.. ثم كنت أنا وعلي زيوار في سجن الاستئناف قبل الساعة الثامنة لنخطف النجم ونهرب!! فانفردنا بصور لا تقدر بثمن.. اخذناه إلي منزله أولاً لتطمئن الأسرة ثم إلي ملعب بعيد في مصر الجديدة ليتمرن.. أو قل تسخين.. ولا أحد عرف مكانه.. ثم تقول لي: هناك إعلام هذه الأيام؟؟ هناك ردح وملاية لف ومنديل بأويه!! ولا حول إلا قوة بالله العلي العظيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف