المساء
أحمد سليمان
آفة حارتنا .. "التطاول"!!
كما قال الأديب الراحل نجيب محفوظ في روايته أولاد حارتنا "آفة حارتنا النسيان" أصبحت آفة مؤسسات الدولة الآن التطاول وغياب الاحترام.. احترام الصغير للكبير. احترام التخصص . احترام الأقدمية . احترام المرؤوس للرئيس. احترام القيم والمبادئ. احترام عقلية الطرف الآخر. حتي احترام النفس غاب.
الآن.. تري الواحد من هؤلاء يتكلم وكأنه العالم ببواطن وظواهر الأمور وأوتي مجامع الكلم. بينما هو في الحقيقة يخجل منه الجهل.
الآن.. لو صادفت صغيراً يوقر كبيراً كما قال رسولنا الكريم "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا" فأنت وقعت علي كنز وهنيئاً لك به.
الآن.. أصبح سوء الأدب أسهل. والتطاول أقرب .والاعتذار ثقافة مذمومة. ولا رادع لهؤلاء في وقت تاهت فيه المعالم. واختفت القيم والمبادئ. وإذا حاولت اقناع أحدهم بخطئه. جادلك في سفسطة لا نهائية ليقنعك بأنه علي صواب وأنت المخطئ . حتي وإن كان يعلم في قرارة نفسه أنه مخطئ. ولكنه الكِبر.
الآن.. أصبح أمين الشرطة لا يحترم مساعد وزير الداخلية برتبة لواء. حتي وإن انتقل اللواء إلي مكان الأمين ليبحث مطالبه. بينما في الماضي القريب كان "الأمين" إذا رأي "حضرة الصول" ترتعد فرائصه.
الآن.. أصبح منصب قائد العمل والمدير وحتي رئيس الدولة هدفاً لسهام المتطاولين. المغرورين. الباحثين عن اختصار الزمن لأنهم- من وجهة نظرهم- الأجدر بالجلوس مكان هؤلاء الرؤساء والقيادات.
الآن.. ظهور شخصية مثل الفريق حمدي وهيبة رئيس الهيئة العربية للتصنيع الأسبق للهجوم علي الرئيس السيسي واتهامه باتهامات هي في أصلها مزايا. أصبح "جدعنة" من وجهة نظره.
الآن.. أصحاب الصوت العالي مطالبهم مجابة. وأصحاب الضمير والاحترام في مؤخرة المستجاب لهم.
الآن.. انتقل مرض التطاول وعدم الاحترام- مع الأسف- إلي بعض ممن عُرف عنهم الالتزام واحترام النفس والغير. فأصبحوا يتحدثون لغة البلطجة والرفض والاعتراض لمجرد إثبات الوجود. وأن لهم رأياً يجب أن يُحترم. ليس يُحترم فقط بل ويؤخذ به رغماً عن الجميع.
الآن.. أصبح التمرد علي النظام والقانون سمة. ومن يفعل ذلك فهو الثوري. المناضل. صاحب الفكر الجديد. دونما اتباع الطريق المتعارف عليها في التجديد.
الآن.. تطاول مذيعي الفضائيات علي الوزراء والمحافظين وتوبيخهم أصبح من ثوابت الإعلام. علي الرغم من أن معظم هؤلاء الإعلاميين يحتاجون للعودة إلي التعليم من جديد. بشرط أن يبدأوا من المرحلة الابتدائية.
الآن.. وليس الغد .. إذا لم يتم إعادة الاحترام . والقضاء علي التطاول ولو بالقوة . فلن تقوم قائمة لأي مؤسسة. وسوف تضيع هيبة الدولة ومؤسساتها وتختفي أمامها أية إنجازات.
عندما يضيع الخوف من الكبير. ويحل مكانه التجرؤ. فعلي الدنيا السلام. والمخطئ إذا لم يُعاقب فكيف تطالبه بالصواب؟. وقديماً قالوا "من أمن العقوبة أساء الأدب".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف