الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
هكذا كنا "نصنع" الأخبار
. ايضا.. كنا في الستينيات.. حينما فوجئنا بالمرحوم عبداللطيف ابوهيف يدخل علينا في القسم الرياضي ــ وكنت قد اخترت أن نكون فوق السطح بالمبني القديم بعيدا عن كل من بالجريدة ــ دخل علينا ابوهيف في منظر غريب للغاية!!!!.. كان يبكي بشدة!!!... تبكي وأنت بطل العالم ثلاث مرات في اسابيع قليلة!!!... قال وهو يبكي : "هذه هي الكارثة"!!!... أجلس واهدأ وقل لنا ايه الحكاية.. الحكاية انني لم يبق لي سوي مسابقة كندا لأفوز ببطولة العالم بعد أن فزت بالمركز الأول كما تعلمون في مسابقات "كابري ــ نابولي".. ثم مسابقة "نهر السين"... ثم مسابقة المانش.. فإذا فزت ببطولة كندا يتم تتويجي بطلا للعالم.. حتي لو لم احرز بطولة هذه المسابقة فربما ايضا أفوز ببطولة العالم إذا لم يكن الفائز بها ليس له نفس النقاط والتوقيتات الخاصة بي.. انها فرصة العمر بالنسبة لي.. ومع ذلك قرر اتحاد سباحة المسافات الطويلة برئاسة اللواء أحمد الزرقاني عدم سفري بدعوي أن أظل محتفظاً ببطولات أوروبا الثلاث التي حققت فيها مصر دعاية ضخمة جدا جدا.
يصمت ابوهيف.. ونطلب له كوب ليمون ولكنه اراد كوب شاي فهو بدون أكل طوال اليوم.. عاد من الاسكندرية ظهرا بعد عمله كضابط في خفر السواحل وذهب الي الاتحاد فورا ليحضر الاجتماع.. ولكنهم فضلوا الاجتماع بدونه!!! لكي تتم المناقشة.. بصراحة دون احراج.. ثم فوجئ بقرار عدم سفره.. وهو الذي جاء الي القاهرة باقصي سرعة ليستعد للسفر.. فقد كان موعد السفر في نفس الأسبوع!!!
تركت أبوهيف ليأكل الكباب الذي طلبناه له من محل الحاتي خلف سينما ديانا بجوار محل مكاوي كابتن مصر والأهلي.. وأخذت زميلي مصطفي عبيد وذهبنا الي منزل أحمد الزرقاني لعله يقتنع بان مجرد اشتراكه واحراز مركز متقدم كفيل بان يصبح بطل العالم.
بعد أن غادرنا الدار بدقائق نزل صلاح سالم ومعه عبدالحميد حمروش مدير عام الدار.. فقال لهما موظف الاستعلامات ان البطل ابوهيف وصل منذ فترة وكان يبكي وهو الآن في حجرة الرياضة وحده فقد غادرنا الآن فلان ومعه مصطفي عبيد!!!
عاد صلاح سالم الي الدار وصعد الي حجرة الرياضة واستمع لابي هيف.. فقال لحمروش انتظر معه لانه كان علي موعد هام..
لنعرف نتيجة المقابلة مع رئيس الاتحاد والدار مستعدة أن يسافر البطل علي نفقتها.. قال ابوهيف ان هذا مستحيل لانه ضابط جيش ولابد الاتحاد يوافق لكي أخذ اجازة من الجيش.. ضحك صلاح سالم وحمروش طبعا.. صلاح سالم بالتليفون يحصل علي المستحيل.
اعود الي الزرقاني الذي أصر علي عدم السفر لان المسابقة الكندية غاية في الصعوبة فالمياه مثلجة لابعد الحدود وهو ما تعود عليه ابطال كندا وأوروبا ثم هناك قرار من مجلس الادارة.. ثم لا احد في مصر مهتم بل ربما لايعرف شيئا عن هذه المسابقة.. اتركونا نعيش في جو الثلاث انتصارات الأوروبية ولا تطفئوا الشمس.
فماذا حدث؟؟؟
سافر ابوهيف علي نفقة الجمهورية وبتليفون من صلاح سالم ووزير الخارجية كانت سفارتنا في كندا كلها في خدمة ابوهيف منذ نزوله من الطائرة الي فوزه بالبطولة الرابعة بمعجزة.. وعمل دعاية للجمهورية ولصلاح سالم بالذات تساوي اضعاف اضعاف ما دفعناه.. هذه حكاية من عشرات الحكايات والذكريات لعلها تفيد الزملاء الاعزاء!!! كنا نصنع الأخبار لا ننتظرها!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف