مشكلة الزيادة السكانية التى كانت تؤرق نوم مبارك خلال سنوات حكمه، «ماتت» بعد الثورة، لم يعد هناك من يتحدث عنها، أو يقول للمصريين «خفّوا شوية.. حرام كده»، حقيقة ولأننى لست خبيرًا بعلم السكان فلا أستطيع أن أحدد إذا كان تعداد مصر الذى يقترب من 90 مليونا الآن يمثل مشكلة أم لا، حتى إن كنت أعرف قلة الموارد، ووضع الدولة الاقتصادى، فشواهد الدول التى تتعايش مع عدد سكان كبير كثيرة، وقد تكون تجاربها ملهمة فى التعامل مع الأمر.. لماذا أقول كل هذا الكلام؟.. واضح إن حضرتك زهقت.. بسيطة.
الرئيس السيسى خلال لقائه الأخير بالأحزاب والقوى السياسية والدينية فى مصر، تحدث عن الموضوع وسأل شيخ الأزهر عن كون تنظيم الأسرة وزيادة الفارق العمرى بين أطفال الأسرة الواحدة حلالا أم حراما -ولا أعرف لماذا لم يوجه نفس السؤال للبابا تواضروس وكأن المسيحيين ليس عليهم أن ينظموا الأسرة- ليس مهما أن هذا حلال كما قال الطيب، لأن هذا الحلال لم يفرق مع المصريين خلال كل السنوات الماضية، وما يجلعهم ينظمون الأسرة فعلا هو ضيق العيش والمصاريف التى تتضاعف مع كل بنى آدم جديد يولد بينهم.
فجأة وبعد هذا الحديث اهتمت الدولة وأجهزتها بأمر الزيادة السكانية وخرجت للإعلام دراسات عن كيفية المواجهة -راجع الجرائد ومواقع الأخبار خلال الأيام الماضية- وماذا علينا أن نفعل؟ وما طرق مواجهة المشكلة؟ فقط لأن رأس الدولة تحدث عنها -وإن كان ذلك جيدا- لكن ألا تهتم الجهات المسؤولة بأى مشكلة إلا إن تكلم عنها الرئيس؟ هذه بالطبع كارثة مصرية أصيلة، يعنى مصر لو زادت مليونا كل يوم لن تكون هناك أى مشكلة سكانية ما دام السيسى/ الرئيس لم يعِرها اهتماما، وقِس على ذلك أمورا كثيرة. الداخلية حلوة ما دام الرئيس لم يتحدث عن بلطجتها، والتعليم ممتاز وتحتذى الدول الأخرى بتجربتنا فيه -كما قال وزير التعليم محمود أبو النصر- والطرق مرصوفة ولا تقع عليها حوادث ولا يُقتل مئات بسببها يوميا، ولا توجد أزمة غاز أو كهرباء إلا إن طلب الرئيس وزير الكهرباء والتموين للجلوس معهما، وقتها فقط تتحول تصريحات اليوم السابق للوزراء عن كون المشكلة انتهت ولم يعد لها وجود إلى الرئيس وجهنا لحل المشكلة والنزول إلى الشوارع لمتابعتها بأنفسنا .
جانب آخر من هذه المشكلة.. فنانون كبار لا يتركون الآن الرئيس السيسى يذهب إلى أى مكان إلا وذهبوا معه، لو نجا شخص ما من معركة إرهابية وزاره الرئيس فى المستشفى ستجد وفدا كبيرا من الفنانين يزورونه فى اليوم التالى، وسواء كان ذلك من أنفسهم أو بتوجيهات، فهو وصلا بالكارثة المصرية، وهى الاهتمام بما يتحدث عنه السيسى فقط، فسيناء التى تحترق كل يوم، لم نسمع يوما فنانا أو مسرحيا قرر أن يؤدى عرضه فى إحدى مدنها دعما للثقافة فى مواجهة التطرف -بالمناسبة هل هناك مسارح أصلا فى سيناء؟- هذا فقط لأن الرئيس لم يقل لهم ذلك!