علاء عريبى
مساخر القانون فى تقاعد الصحفيين
أطرف ما فى المادة رقم 84 من مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذى وضعه رفقاء وشيوخ ورموز الفصيل الواحد، ليس فقط فى تمييزها بين الصحفيين فى الحكومة والصحفيين في الصحف الحزبية والصحف التى يصدرها رجال أعمال، بل الطريف والخطير فى أن هذه المادة رفضت المد للصحفى بالحكومة حتى 65 سنة فى حالة صدور عقوبة ضده من نقابة الصحفيين، فى الوقت الذى سمح فيه مشروع القانون لمن قضوا عقوبة فى قضايا مخلة بالشرف(دعارة، سرقة، اغتصاب، تجارة مخدرات، رشوة، تجسس، ابتزاز، نصب، قتل ..) بتولى المناصب القيادية فى الصحف والفضائيات: رئاسة مجلس الإدارة وعضويته، رئاسة التحرير وعضوية مجلس التحرير، وهذه المفارقة الغريبة والشاذة تجعلنا نتساءل: هل الخطأ الذى عاقبت النقابة عليه الصحفي فى الحكومة أقوى من تعيينه ومنحه صفة صحفى؟، هل الخطأ الذى جرمته النقابة أقوى من تسهيل الدعارة والسرقة وتجارة المخدرات..؟، كيف يحرم من المد لـ 65 لعقوبة نقابة، ولا يحرم من التعيين كصحفى وكقيادة فى الجريدة والمؤسسة الإعلامية؟.
المادة رقم 84، أتاحت للصحفيين والعاملين فى الصحف الحكومية فقط العمل حتى 65 سنة، على ان يتم المد سنة بسنة، وهذا القرار ليس بجديد فقد كان يعمل به فى العهد الناصرى، والساداتى والمباركى، بالقانون وبالمخالفة للقانون، وعندما سمح للأحزاب بإصدار صحف خاصة بها فى نهاية السبعينيات(جريدة الأحرار كانت أول جريدة حزبية تصدر عام 1977)، أصدرت الحكومة قانونا لتنظيم الصحافة برقم 148 لسنة 1980، وقننت فيه قرار المد حتى 65 سنة فى المادة رقم 28، بشرط عدم تولى مناصب قيادية: «علي أنه لا يجوز أن يبقى في منصب رئيس إدارة المؤسسة الصحفية أو عضويته أو في منصب رؤساء تحرير الصحف القومية أو عضوية مجالس التحرير بها من بلغت سنه ستين عاما».
ورغم هذا الشرط، ضربت الحكومة بالقانون عرض الحائط، كما أنها أهملت تماما ذكر حقوق الصحفيين فى الصحف الحزبية لأن العاملين بها آنذاك كان يمكن عدهم على الأصابع.
فى عام 1996، عندما ثار الصحفيون على القانون 93 الذى صدر سرا من مجلس الشعب، أعدت الحكومة بالاشتراك مع بعض الصحفيين اليساريين العاملين بالصحف الحكومية، القانون رقم 93 لسنة 1996، وفى المادة 61 قاموا بنقل المادة 28 من القانون رقم 148 لسنة 1980، وأيامها لم ينتبه العاملون بالصحف الحزبية لتمييز القانون بين الصحفيين، ونظن أن بعض قيادات الصحف الحزبية قد انتبهوا والتزموا الصمت لأنهم جميعا كانوا يعملون فى الصحف الحكومية، كما كانوا يجمعون بين مرتبات الحكومة وأرباحها ومرتبات الحزبية.
هذه المادة كما سبق أن ذكرنا نقلت حرفيا فى المادة 84 بمشروع قانون الفصيل الواحد، لكن للأمانة قام أعضاء الفصيل الواحد بإضافة فقرة «تفطس من الضحك»، منحت فيها الهيئة الوطنية للصحافة حق عدم المد للصحفي بالحكومة فى حالة صدور: «عقوبات تأديبية ضده من النقابة في آخر ثلاث سنوات».
هذا فى الوقت الذى سمحت فيه فى المواد(75، و95، و96، و100، و129، و130، و191) بتولى من سبق أن قضوا عقوبة فى قضايا: دعارة، رشوة، سرقة، تجارة مخدرات، تجسس، ابتزاز، اغتصاب، قتل، بلطجة ..) مناصب: رئاسة مجلس إدارة الجريدة والقناة، ورئاسة تحرير الصحيفة والقناة، ورئاسة وعضوية مجلس تحرير وإدارة الجريدة والقناة، فكيف يسمح للقواد السابق بأن يكون رئيسا للتحرير ورئيساً لمجلس إدارة، ولا يسمح له بالعمل حتى الـ65 إذا كانت قد صدرت ضده عقوبة من النقابة؟، هل الخطأ الذى عاقبته عليه النقابة أقوى من تسهيله الدعارة وتجارة المخدرات؟.