المساء
محى السمرى
.. وللفقراء نصيب من الرعاية !!
منذ سنوات جاءني صديق ألماني.. وأعطاني عنواناً في إحدي المناطق الشعبية العشوائية في مدينة الإسكندرية وطلب مني زيارة هذه المنطقة.. وتعجبت من هذا الطلب خاصة أنه لم يوضح لي الفرق من زيارته المطلوبة ولهذا دار في ذهني هواجس كثيرة خاصة أنه أجنبي.
المهم وافقته علي طلبه وذهبنا سوياً إلي هذه المنطقة رأينا ناساً بسطاء يعيشون عيشة بسيطة ولكن الواضح أن هناك سمة من التطوير بدأت تدخل إلي بيتهم.. سأل الضيف الأجنبي برب البيت عن ابنة له وطلب من رؤيتها في الحال جاءت البنت بصحبة والدتها.. وقد بدا لي. كأنهم ينتظرون عزومة هذا الضيف.
ودار في ذهني صورة الجوائز الوهمية التي تقدمها بعض الشركات لربات البيوت في منازلهم.
والذي حدث أن الضيف أعطي البنت هدية لا أتذكرها الآن واطمأن عليها وعلي سيرها في الدراسة.. وهل تتعلم حقيقي أو مجرد تسلية وسأل عن صحتها وعن أساليب علاجها إذا مرضت واطمأن علي وجود كهرباء ومياه نظيفة في البيت سألته ما سر هذا الاهتمام بهذه الأسرة بالذات؟.
قال: الحكاية وما فيها انه عندنا في ألمانيا أكثر من جمعية خيرية وكل منها لها فروع في جميع انحاء العالم تقريباً.. ومهمتها مناشدة الناس للاشتراك فيها من أجل رعاية الأطفال الذين هم في حاجة إلي رعاية ومساعدة الأسر الفقيرة لتجاوز المشاكل الناتجة عن الفقر ومحاولة ايجاد عمل لرب الأسرة إذا كان عاطلاً أو أحد أفرادها.. وتعتمد موارد هذه الجمعيات علي الاشتراكات والتبرعات من كل الناس في انحاء العالم..
وكل مشترك له الحق في رعاية طفل أو طفلة وينفق عليها انفاقاً كاملاً من حيث المأكل والملبس والمشرب والتعليم والرعاية الصحية.. وتقوم الجمعية بإرسال تقرير شهري عن كل خطوات الرعاية.
بالإضافة إلي ذلك تهتم هذه الجمعيات بتطوير المناطق الفقيرة وتحتاج لرعاية وتعتبر مناطق عشوائية بحيث تكون علي مستوي لائق حضارياً ومعيشياً.. وعندما يتم ذلك تنتقل الجمعية إلي منطقة أخري لإخراجها من نطاق العشوائية وتربية الأطفال ومضي يقول اتذكر أنه عندما قررت السفر إلي مصر.. اقترحت الجمعية عليّ أن أزور هذا الحي وأزور هذه الأسرة بل واقترحت أيضاً أنواع الهدايا التي أقدمها.
وعموماً كبرت الطفلة وأتمت تعليمها المتوسط واعتقد أنها تزوجت كما أن الكهرباء والمياه والمرافق دخلت إلي هذه المنطقة ويجري العمل حالياً في منطقة أخري.
تذكرت هذه الحكاية عندما قرأت قراراً بموافقة مجلس الوزراء في مصر علي قبول قرض قيمته 400 مليون دولار من البنك الدولي لدعم 500 أسرة فقيرة..
وطبعاً طاف بذهني أيضاً سؤال.. لماذا لا يوجد لدينا مثل هذه الجمعيات الألمانية التي تخصصت في رعاية الفقراء في انحاء العالم.. واعتقد أنها جمعيات إنسانية خيرية لا أكثر ولا أقل اعتقد أن مثل هذه الجمعيات ممكن أن تساعد الحكومة في تحمل الأعباء المالية لدعم هذه الأسر الفقيرة أما بالنسبة لهذه الملايين التي ستحصل عليها الحكومة المصرية لدعم نصف مليون أسرة فقيرة فأرجو أن يتم الانفاق انفاقاً انتاجياً.. بحيث تستثمر في أعمال الانتاج وتدريب هذه الأسر علي أعمال انتاجية فلا يكونون عالة بعد ذلك لا علي الدولة ولا علي أحد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف