تدفع مصر الآن ثمن وضريبة الفساد والاهمال الذي تغلغل بقوة في العديد من وزارات وقطاعات ومؤسسات الدولة علي مدار 35 عاماً الماضية وصار صديقاَ للقائمين عليها وأصبح علي ما يبدو من المستحيل استئصاله بعد أن تمدد وأصبح كالأخطبوط.. للأسف التحرك للقضاء علي أخطبوط الفساد اللعين حتي هذه اللحظة مازال بطيئا وعلي استحياء ولا يتناسب مع المرحلة الحالية التي يجري خلالها بناء مصر الحديثة وإلا ما معني أن نفاجأ بأن إنتاج 27 محطة إنتاج حيواني تمتلكها وزارة الزراعة لتربية الماشية في عام لا يتعدي سوي 93 بقرة و168 جاموسة و1039 خروفا.
ثم تسألون عن سر أزمة اللحوم والارتفاع الرهيب في أسعارها وعزوف المواطنين عن شرائها وامتثال حتي الأثرياء لحملة "بلاها لحمة".
إنها فضيحة كبري بكل المقاييس بل قضية فساد مكتملة الأركان تستوجب إحالة المسئولين عن الـ27 محطة للمحاكمة العاجلة.
إن المسئولين عن هذه المحطات ميراث الزمن البائد الذي قضي علي الأخضر واليابس ونشر الفقر والجهل والمرض.. إن حصاد هذه المحطات الـ27 يكشف عن مدي الاهمال الجسيم الذي يضرب بكل قوة الآن مختلف جنبات الحياة.. انه بتوصيف دقيق الحصاد المر لسنوات ما قبل 25 يناير.
إنني أعرف فلاحين ومربي ماشية يقومون بتربية وتسمين المواشي إنتاجهم في العام يتجاوز أضعاف أعداد الـ27 محطة التي تمتلكها وزارة الزراعة ولكنه المال السايب الذي يعلم السرقة.. فلا أحد يحاسب أحداً.
التحرك لمواجهة الفساد والاهمال لا يعدو أن يكون تصريحات لمسئولين تملأ صفحات الجرايد وبرامج الفضائيات.
فعلي مدار الأشهر الماضية لم يخل حديث رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب سواء كان في اجتماع أو علي هامش افتتاح مشروعات أو زيارة مفاجئة لمستشفيات ومواقع عمل إلا أكد ان محاربة الفساد والاهمال ومعاقبة المقصرين هدف الدولة الأول.. ولا أعرف هل مازالت هناك انتقائية في معاقبة المخالفين والفاسدين والمهملين كما كان يحدث في الزمن البائد؟!
وإلا لماذا لم يعاقب رئيس الحكومة القائمين علي إدارة الـ27 محطة إنتاج حيواني بإبعادهم عن العمل وإحالتهم للنيابة؟!
وأيضا لماذا الصمت الرهيب علي بعض المحافظين الذين ثبت فشلهم الذريع بإجماع المواطنين وأصبحوا يمثلون عبئاً علي الدولة؟!
ماذا تنتظر يا رئيس الوزراء لتقيل محافظا ذهب لحفل وعلي الملأ لتكريم راقصات عاريات ثم تبعه آخر بافتتاح كوافير وسبقهما من بدأ مهام وظيفته بالتفاخر برسم "تاتو" علي ذراعه والجري مستعرضا عضلاته؟!
ولا أحد ينكر الجهود الطيبة للمهندس إبراهيم محلب وجولاته المكوكية هنا وهناك لعلاج الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها حكومات الأنظمة السابقة.. لقد أشدنا بك وزيراً للإسكان وكلل الله جهدك بتعيينك رئيساً للوزراء فاحذر التأخير في إصدار القرار لأن الأمور لو تفاقمت فالنتائج ستكون كارثية.
سارع بإقالة المهملين والفاسدين في كل الجهات الحكومية واستجب للشعب بإجراء حركة محافظين ووزراء علي مستوي المسئولية.. والله من وراء القصد.