جلاء جاب اللة
التقارير الأمنية.. والمال السياسي
* هل هناك علاقة ما بين التقارير الأمنية السرية والمال السياسي؟
نعم هناك علاقة وثيقة تتحدد في ثلاثة أمور الأول: أن كليهما مؤثر بشكل غير عادي علي مستقبل الحياة السياسية والحياة العامة في مصر والثاني أن كليهما لا يمكن إيقافهما أو إلغاؤهما لكن يمكن ترشيدهما وكشفهما وتقييمهما.. والثالث هو أنه بعد ثورة 30 يونيه. نحن في حاجة إلي شفافية ووضوح خاصة مع مجلس النواب المقبل الذي سيكون أهم برلمان في حياتنا السياسية حيث منحه الدستور صلاحيات كبيرة في وقت خطير من تاريخ مصر الجديدة.
التقارير الأمنية السرية قد لا يكون لها علاقة بالانتخابات بشكل مباشر لكن لها علاقة قوية بقيادات مهمة في أماكن حساسة بمصر وقد أثيرت هذه القضية بشكل مباشر وواضح عندما لم يتم التجديد للدكتور محمد منير مجاهد العالم المصري المعروف والذي كان أحد الأعمدة الأساسية لمشروع الضبعة النووي.
أنا هنا لا أدافع عن الدكتور مجاهد فهو الأقدر علي ذلك بعلمه ومكانته وتاريخه الطويل في العمل العام.. بل إن هذا الرجل تمت الاستعانة بخبراته وعلمه بعد خروجه علي المعاش وكان يمكن عدم التجديد له دون تبرير إلا أنه كما تردد بقوة وذكرته إحدي الفضائيات فإن الوزير أبلغه أن تقريراً أمنياً حال دون استمراره في مهمته.
التقارير الأمنية السرية ليست كتاباً مُنزلاً أو وحياً من عند الله.. بل اجتهاد بشري يصيب ويخطئ وهذه التقارير ليست ترفاً بل مبرر بل أمر ضروري ومهم جداً في عملية الاختيار.. لكنها أيضاً ليست حكماً نهائياً.. وبالتالي بات ضرورياً ونحن في عصر جديد بعد 30 يونيو أن تكون هذه التقارير متاحة ولمدة شهر أمام من يهمه الأمر خاصة من يتم كتابة هذه التقارير عنه ليدافع عن نفسه إذا أراد.
التقرير الأمني السري لا يكتبه قاض.. بل يكتبه رجل أمن وفي أحيان كثيرة يعتمد الضباط علي من هم دونهم لإعداد التقارير بناء علي تحريات أو أقوال مرسلة من مخبر أو مرشد وبالتالي فإن من حق من أضير بالتقرير أن يدافع عن نفسه ويقدم ما يثبت أن التقرير مخالف للحقيقة إذا كان كذلك.
حتي لو كان صاحب التقرير قاضياً.. فإن هناك استئنافاً ونقضاً لحكم القاضي. فلماذا لا يكون هناك استئناف ونقض لتقرير أمني سري؟!
إننا نعيش مرحلة جديدة يؤسس لها شرفاء يحبون مصر وليس لديهم شلة يريدونها أو أشخاص يدافعون عنهم.. وبالتالي فإن التقرير الأمني السري قد يكون لصالح الوطن ولكن المؤكد أن هناك شبهة خلل أو خطأ بشري يظلم إنساناً بريئاً ويضر بأسرة محترمة فلماذا لا يكون هناك استئناف ونقض لهذا التقرير بالدليل والمستندات.
لعل من حظ الدكتور محمد منير مجاهد أن يكون هو السبب في أن يتم طرح هذه القضية بصراحة وشفافية ووضوح لنصل إلي نقطة اتفاق لصالح الوطن والمواطن.. فهل من مجيب؟
** المال السياسي لا يقل خطراً عن التقارير الأمنية السرية.. وبدا واضحاً أنه سيلعب دوراً خطيراً في الانتخابات البرلمانية التي بدأت بالفعل لتكمل خارطة المستقبل وتعلن عن إكمال مسيرة العمل الوطني في مصر بعد 30 يونيو.
المال السياسي لا يختلف كثيراً عن الرشاوي الانتخابية التي كان يقدمها الإخوان والسلفيون لكن المشكلة أن الرشاوي كانت للناخب أما المال السياسي فيؤثر علي المرشح وبالتالي علي نائب المستقبل مما يهدد استقلالية مجلس النواب المقبل..!!
المال السياسي بدا واضحاً تأثيره علي التكتلات وعلي المرشحين الفردي خاصة مرشحي العائلات والقبائل ذات التأثير الانتخابي القوي وعلي الأشخاص ذوي التأثير الجماهيري في القري والمدن الصغيرة في وجه بحري ووجه قبلي.
المال السياسي خطر كبير لأنه يعيد إلي المشهد السياسي أشخاصاً من رموز نظام مبارك بزي جديد وأنا هنا لا أتهم كل نواب الوطني ولا رموز نظام مبارك لأن كل إنسان له ما له وعليه ما عليه.. وكما كان نظام مبارك مليئاً بالفاسدين المفسدين فإن بعض المحترمين الأمناء ظهروا في المشهد ولم يستفيدوا ولم يفسدوا..!!
الخطر الكبير في المال السياسيي أنه سيعيد بعض المفسدين والفاسدين حتي لو لم يكن بأسمائهم وشخوصهم.. فهذا يرشح ابنه أو شقيقه وذاك يرشح زوج أخته أو ابن عمه بدلاً منه المهم أنه سيظل يدير العملية من البداية حتي النهاية وليس بماله.. بل بمال من يريد أن يعيده إلي المشهد ليستفيد منه.. وإذا كان صاحبنا قد لعب هذا الدور لصالح نظام مبارك فليلعب نفس الدور لصالح "صاحب المال" وإذا كنا قد طالبنا بشفافية ووضوح في التقارير السرية الأمنية.. فإن الشفافية والوضوح أكثر ضرورة وإلحاحاً في المال السياسي حتي نعرف مصدرها ومن أين تأتي ولأي هدف تسعي؟
إنها خطر حقيقي علي مستقبل مصر الجديدة.. فإذا كانت بعض التقارير السرية الأمنية تتسبب في إبعاد شخص متميز محترم بلا ذنب عن المشهد.. فإن المال السياسي يلعب العكس ويدفع بشخص لا يستحق وضرره كبير إلي المشهد.. وهنا تكمن الخطورة.. فإبعاد الشخص المناسب قد يؤذيه بنسبة كبيرة ويضر بالعمل العام بنسب متفاوتة لأنه قد يصدق أن يأتي بديلاً عنه شخص أيضاً محترم ولكن الدفع بالفاسد من خلال أموال لا نعرف مصدرها أكثر خطراً لأنها ستأتي بغير المناسب علي حساب الإنسان المناسب فتضر المجتمع والوطن كل الضرر.
انتبهوا أيها السادة.. نحن في مرحلة حرجة وصعبة ولابد من الشفافية والوضوح والمصارحة في الأمرين الخطيرين. المال السياسي.. والتقارير الأمنية السرية.
"شروق" الأمل.. و"بكرة" أحلي!
"شروق" اسم أضخم كشف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط وربما العالم.. يقال إن الاسم نسبة إلي ابنة المهندس المصري مكتشف الحقل.. واسمها شروق.. وأياً كان سبب التسمية فإن الاسم منحنا الأمل في الغد وأكد حقيقة أن "بكرة أحلي" وهي المقولة التي رسمت لوحة التفاؤل أمام المصريين بعد 30 يونيو.
شروق الأمل.. أصابت إسرائيل بأزمة نفسية وكشفت عن وجهها القبيح بما يؤكد أن الخطر الأكبر قادم من هناك في تل أبيب التي تسعي بكل الوسائل بما فيها داعش واخواتها لإيقاف مسيرة مصر الجديدة.. "لكن الله غالب علي أمره" ولو كرهوا..!! "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.."!!
في وقت صعب تجود الذات الإلهية علينا بهذه المنحة.. والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة فهي نتاج جهد وتنقيب وبحث.. وعطاء ربك أكبر.
هذا الأمل يجب أن نعرف حقيقته فنتائجه لن تؤتي ثمارها بين يوم وليلة.. كما أن زيارات الرئيس السيسي شرقاً وغرباً لن تؤتي ثمارها في نفس اللحظة.. بل هناك وقت للعمل.. بل التفاني في العمل والإخلاص والصدق.. لابد أن نستقبل عطاء الله بعمل مخلص وصادق وأن نستقبل كل أمل بما يليق به من عناء وعطاء حتي يتحقق الأمل وتعود مصر كما كانت.. بل أفضل إن شاء الله.
"بكرة أحلي" هذه حقيقة يساندنا الله فيها إذا كنا نحسن الظن بأنفسنا وإذا عملنا ما علينا.. "بكرة أحلي".. إذا نجحنا في استغلال عطاء الله.. بالعلم والعمل.. وإذا نجحنا في أن نساند السيسي ونعمل معه من أجل الغد.
"بكرة أحلي" إن شاء الله لأن مصر تستحق ذلك..!
صفر مريم.. لمن؟
من يستحق هذا الصفر الكبير الذي تابعناه في قضية الطالبة مريم ابنة المنيا.. التي تحارب مع أسرتها لإثبات حقها؟
كشفت هذه القضية عن بطء الأداء والتردد الذي نعيشه ونتعامل به مع قضايانا.. هناك طب شرعي كان يجب أن يحسم القضية في أيام قليلة.. ولكن التأخير أعطي مساحة للتشكيك والبلبلة حتي وصل الأمر إلي من يطالب بجهة محايدة أو تدخل الأمم المتحدة ولعلهم يطلبون مراقبين محايدين من دولة أجنبية كما يحدث لمباريات الأهلي والزمالك!!
تعاملنا مع مثل هذه القضايا يجب أن يكون حاسماً وحازماً وواضحاً وبسرعة.. فالعدالة البطيئة قاتلة وظالمة.. وكما قال بلدوزر مصر إبراهيم محلب فالدولة معها إذا كان لها حق ولكن لابد أن نؤكد علي نزاهة النيابة العامة كما قال رئيس الوزراء والثقة فيها ومن حق الطالبة أن تطعن وأن نساندها في الطعن إذا كان لها حق وإذا لم يكن لها حق فلنعلن ذلك علي الملأ وبسرعة ونعلن الأسباب بشفافية.. حتي لا نستحق جميعاً صفراً كبيراً.