المساء
أحمد معوض
كلمة ونصف .. حديث "الجراية"!
"كفاية بقي كتابة عن ثقافة المتعة والذرة المشوي والفن ونورالشريف وحب الحياة. أكتب بقي في السياسة وأحوال المصريين في الخارج والشئون العربية والافريقية" هكذا أوصاني الصديق الغالي محمود ياسين ابن قرية أبوحماد بالشرقية.
كتير من الناس ما تعرفهوش إن المهندس محمود دفعتي في الجيش. وإيه اللي يهم الناس في حاجة زي كدة مش فاهم! ما علينا. المهم اني قررت مسمعش كلامه. بلا سياسة بلا وجع دماغ. الناس شبعت سياسة فمنذ ثورة يناير والسياسة تظهر لهم في أحلامهم وتصرف لهم علي بطاقات التموين!
وبمناسبة التموين ومحمود ياسين. أثناء فترة مركز التدريب في منطقة دهشور. اتصاحبنا علي صول من قرية البلينا بسوهاج. وفي ليلة ظريفة اتفقت أنا والمهندس محمود أننا نتعشي عند الصول عصام. ذهبنا الي الكانتين واشترينا علبتين تونة من الكبار. ودخلنا غرفة الصول عصام وقولنا له هانتعشي معاك النهاردة يا حاصول. فسألنا: "معاكوا جراية؟!" فجاوبته بكل براءة وتلقائية "لأ.. هاناكل في العلب" ظناً مني بجهلي أن "الجراية" هذه نوع من "الصحون" وهذا اسم الدلع بتاعها!
لم يعر الصول عصام اهتماماً لاجابتي. وابتسم ابتسامة خفيفة ودب يده أسفل السرير وأخرج نحو خمسة أرغفة من العيش!
عرفت فيما بعد أن "الجراية" ليست مجرد "عيش" بل إنها "ميقات" للخروج من الجيش. فمثلاً عندما يكون المجند "رديف". ركز جيداً. "رديف" مش "رغيف". أنا عارف مع "التونة" و"العيش" أكيد زمانك جوعت وعينك زغللت. ما علينا لمن لا يعرف مصطلح "رديف" هو المجند الذي بقي علي مدة خدمته أياماً ويخرج الي الحياة المدنية. المهم ماذا يفعل المجند في هذه الفترة؟! يعد أيامه الباقية بـ "الجراية" فيقول مثلاً: "باقي 10 أيام يا جيش.. ونقول علي الجراية عيش"!
تجربة الخدمة العسكرية هي بالتأكيد تجربة صعبة لعساكر "فرافير" مثلي أنا والمهندس محمود. لكن بحق هي تجربة مفيدة إلي أقصي درجة في تكوين شخصية أي إنسان ووقت الشدائد تظهر المعادن الأصيلة للمصريين. فإلي جانب أخي وصديقي اللدود محمود ياسين. تعرفت في مركز التدريب أيضاً علي أخ وصديق جميل خُلقاً ومظهراً. أحمد مسعد. مدرس لغة انجليزية من أبناء ميت غمر دقهلية. أحمد عمل معي موقفاً لن أستطيع أن أنساه. خاصة في ظل مواقف العمل اليومية التي أواجهها في الحياة المدنية.
معلهش أنا حاسس إني طولت. ومساحة المقال لن تستطيع أن تتمط أكثر من ذلك. ومضطر آسفاً أن أؤجل حكايتي مع الجميل أحمد مسعد. وبالمرة حكايتي مع "أيمن البلعوطي" من أصدقاء "المخلة" أيضاً الي الاسبوع المقبل. وهي فرصة أغيظ المهندس محمود أكثر في الكتابة بعيداً عن السياسة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف