الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري
القوانين تعبر عن حاجة الناس الي الاطمئنان والأمان وروح المجتمع وطموحه وحسن ادارته.
قديما كان ايجار اماكن السكني حسب الطلب وفق ارادة المتعاقدين حتي اصدر جمال عبدالناصر القوانين الاشتراكية والتأميمات والغي ارادة المتعاقدين في عقود ايجار الاماكن واخضعها لنظام يقتضي التأبيد دون النظر في معالجة الظروف الاقتصادية وتطور الاسعار وارتفاعها وصعود تكاليف المعيشة بما لايتناسب مع قيمة الايجارات القديمة مما يترتب عليه شكوي الملاك من تعنت المستأجرين وتحكمهم في ملك غيرهم الي ان اصبح المستأجر احسن حالا من المؤجر. يملك في العقار اكثر مما يملك المالك نفسه. واصبح الملاك وورثتهم لقمة سائغة في يد المستأجر يلعب به وبورثته من بعده. شاعت روح الاستجداء التي سيطرت علي الملاك طالبه تعطف واسترحام المستأجرين. قامت لجان التقدير التي اسند اليها تقدير قيمة الاجرة لكل عقار او وحدة وفق تكاليف إنشائها. واعطي المشرع للمحاكم حق مراجعة تقدير اللجنة والنظر في طعون المالك او المستأجر وتعديل القيمة الايجارية التي قررتها تلك اللجنة أو تأييدها.
اثر ذلك تأثيرا كبيرا في مدي اقبال الاغنياء علي اقامة عمارات او ابنية جديدة.
في التسعينات حاول المشرع علاج هذا الخلل الذي اصاب منظومة القوانين الايجارية فاصدر تعديلا باضافة نسبة من القيمة الاصلية لايجار الاماكن القديمة المستخدمة في غير غرض السكني مراعيا البعد الاقتصادي المتعلق فيما يعود علي المستأجرين من نشاطهم التجاري أو المهني.
ارضي هذا التعديل كثيرا من الناس ثم اصدر تعديلا مفاده السماح للملاك بتحديد القيمة الايجارية ومدة الايجار دون النظر - ايضا - الي ما يعانيه الاغلب الاعم من الناس في عدم قدرتهم علي دفع القيمة الايجارية المطروحة او صعوبة الحصول علي مكان للسكني بديلا عن المكان الذي كان يستأجره وانتهت مدة ايجاره.. ترتب علي هذا التعديل مشاكل جمة لاحصر لها: اهمها احجام كثير من الشباب عن الاقبال علي الزواج لعدم قدرته علي دفع القيمة الايجارية لمسكن ملائم حتي ولو كان في مكان عشوائي او غير ملائم. وفي حالة الحصول علي مسكن يصبح المستأجر رحالة بمنقولاته من شقة الي اخري كل ثلاث سنوات علي الاكثر.
في بعض البلاد مثل الاسكندرية مدة العقد لاتتجاوز عاما او عامين علي الاكثر مما يعرض الساكن للاهانة والحيرة.. والدليل علي ذلك ازدحام المحاكم بمئات القضايا التي تنظرها دوائر المساكن.
غفل المشروع عن كل هذه المشاكل ولم يضع في اعتباره ما ينجم عن تعديلاته لقانون ايجار الاماكن من مشاكل ظهرت خلال مايقرب من عشرين سنة علي صدور ذلك التعديل.
ونري انه اذا كان ولابد ان يراعي المشرع في حل مشاكل السكني زيادة الاجرة بنسبة مئوية سنوية تتماشي مع التضخم الذي يصيب الاقتصاد وارتفاع اسعار الاراضي والمواد اللازمة للبناء. فان الساكن الذي يستقيم في اداء الاجرة شهريا دون منازعات او تأخير ويستخدم العين المؤجرة استخداما لايلحق بها عطبا او تلفا او مخالفا للعرف والقانون يكون اولي بالاستمرار في العين المؤجرة مع التزامه بدفع الاجرة الجديدة شاملة نسبة الزيادة الملائمة. وان يكون الحد الادني لمدة الايجار لايقل عن خمس سنوات حتي يمكن للمستأجر تدبير أمره اذا ما قام بينه وبين المالك نزاع ما.. بذلك نخفف العبء علي محدودي الدخل ولا نفرط في حق المالك الذي يعيش من عائد ايجار املاكه. وللحديث بقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف