المساء
يسرى حسان
موتي الصحافة الورقية!!!!
في السابعة صباحا تأتيك رسالة علي هاتفك المحمول وانت في السرير. أو في الحمام. أو حتي في الغيط إذا كنت فلاحا تقليديا. تستيقظ عند مطلع الفجر. وتنطلق بحمارك أو سيرا علي قدميك. إلي غيطك حاملا غذاءك في منديلك المحلاوي.. اعذرني فأنا من مشاهدي روتانا كلاسيك.
تخبرك الرسالة عن حادثة ما في مكان ما. وإذا كنت ـ وغالباً ما سوف تكون ـ "رجلاً نتاويا" فسوف تقرأ بعدها بقليل. علي هذا الموقع الالكتروني أو ذاك. التفاصيل المملة للحادثة. وسترويها لأهل بيتك وجيرانك وأبناء الحي. أو القرية جميعاً.. نحن شعب "مابتتبلش في بقه فولة".
في السابعة صباح اليوم التالي. وربما اليوم بعد التالي. ستقرأ نفس الكلام في صحيفتك الورقية المفضلة. إذا كنت ممن لا يزالون حريصين علي قراءة الصحف. وسوف تتعجب وتضرب كفاً بكف وتسأل نفسك : إيه اللي بيحصل ده؟!
وهكذا أخي القارئ تضيع الصحف الورقية في "شربة ميه" وتحقق خسائر فادحة وفاجعة ومفجعة. مع إنك لو شاهدت أغلب صناعها وهم يصنعونها. وشاهدت توترهم ونطرهم وشخطهم وعرقهم السايح في عز المكيفات. ستظن أنهم يخترعون الذرة. وتسأل نفسك : ما كل هذه الكوميديا يا ربي؟!! لا جديد في أغلب الصحف الورقية. ولا جديد لدي صناعها الكسالي الذين اكتفي أغلبهم بتلقي الإيميل أو حتي الفاكس أو النقل من الموقع الالكتروني. ولا مفاجأة في تدني أرقام توزيعها وحصيلتها الإعلانية وخراب بيوتها. وهي إما صحف قومية تستغيث بالحكومة ثلاث مرات في اليوم. أحياناً قبل الأكل وأحياناً بعده لتنقذها من ديونها المتلتلة. أو حزبية. صورة طبق الأصل من القومية وأحياناً تتفوق عليها في النفاق والكذب. أو صحف خاصة. بعضها مجرد منصات لصاحبها رجل الأعمال. وبعضها غسيل أموال أساساً. وبعضها يولي أمره لمن يعرف كيف يهبش حملات إعلانية بالقهر أو بالمزاج. خاصة لو كان لديه أيضاً برنامج تليفزيوني.. نشطوا ذاكرتكم وسوف تحصلون علي قائمة معتبرة من هذا الصنف.
الذين يصنعون الصحف الورقية الآن. إلا من رحم ربي. أبناء بنية تقليدية تعفنت. يجب نسفها ونسفهم معها. لا تتوقع جديدا منهم. هذا هو سقفهم. وهذا هو آخرهم. هم بصريح العبارة ماتوا خمس مرات قبل ذلك. وبعضهم مات سبع مرات. وشهادات الوفاة منشورة علي النت. لكنهم. ويا للعجب يمارسون المهنة بأريحية شديدة وثقة أشد. وكلما شاهدهم أحد. في تأنقهم وتجهمهم ومشيهم علي الأرض بترفع وكبرياء. ظن أنهم من مفكري القرن التاسع عشر. أما لو "وزه شيطانه" وقرأ لهم فسيقول. بيأس تام "يخلق ما لا تعلمون!!!!" تتغير الدنيا من حولنا كل ساعة وكل ليلة وكل يوم. وموتي الصحافة الورقية. شباباً وشيوخاً. غائبون عن الوعي يرفعون شعار "أنا زي ما أنا وأنت بتتغير".. ربنا ينتقم من الظالم!!!!!!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف