الجمهورية
لويس جرجس
الانتخابات وذكري أبوالعز الحريري
ونحن نستعد للانتخابات البرلمانية وبينما نبحث عن نواب يرفعون راية الوطن ومصالح الشعب قبل المكاسب الشخصية تمر علينا بالمصادفة ذكري نائب وطني من الطراز الأول لتضع أمام أعيننا الصورة الحقيقية للنائب المهموم بقضايا الوطن ليكون نائباً للشعب كله مدافعاً عن حقوقه ومستقبله وليس نائباً عن دائرة صغيرة يقدم لمواطنيها خدمات يومية مما يقع في اختصاص عضو المجلس المحلي.
إنه أبوالعز الحريري الذي مرت الذكري الأولي لوفاته الخميس الماضي "3 سبتمبر" وفي عجالة أسرد قصة معرفتي باسم الحريري لأول مرة حيث كنت وأنا صحفي مبتدئ في مهمة بمرسي مطروح وطوال الطريق من الإسكندرية إلي مطروح ظل شاب من ركاب سيارة الأجرة يتحدث بحب بالغ عن نائب دائرتهم الذي نجح دون دعاية ينفق عليها غيره آلاف الجنيهات "لم تكن لغة الملايين قد ظهرت بعد" ممن يحرصون علي دخول البرلمان لمصالح شخصية ولتعويض ما أنفقوه أضعافا مضاعفة وعرفت منه ان اسمه أبوالعز الحريري نائب كرموز وأصغر نائب في برلمان 1976 "32 عاماً".
يذكر التاريخ ان انتخابات 1976 التي جرت في ظل حكومة ممدوح سالم هي ضمن الانتخابات البرلمانية النادرة التي اتسمت بالنزاهة في مصر وهو ما لم يتحمله الرئيس أنور السادات وقتئذ كما تذكر صفحة أبوالعز الحريري علي فيسبوك حيث وقف الحريري مع عدد من نواب ذلك المجلس "محمود القاضي والمستشار ممتاز نصار وغيرهما" ضد سياسات السادات.
وقفوا ضد سياسته الاقتصادية الفاسدة التي أسماها الصحفي الكبير أحمد بهاء الدين "انفتاح السداح مداح" ووقفوا ضد تصالحه مع اسرائيل وضد كامب ديفيد فلم يجد السادات مفراً من حل المجلس لإسقاط هؤلاء النواب وليدخل الحريري المعتقل في سبتمبر 1981 مع غيره من الشخصيات الوطنية من جميع القوي السياسية. ثم يعود إلي البرلمان عام 2000 مع الإشراف القضائي علي الانتخابات ليمثل ثانية أهل دائرته كرموز وليمارس دوره الوطني مرة أخري كنائب عن عموم مصر.
وبالفعل مارس الحريري حقوقه الدستورية كاملة في انتقاد السلطة التنفيذية كاشفاً فساد النظام والحزب الوطني ودخل معارك مع رموز النظام والحزب واشتبك مع أحمد عز في بداية صعوده وسيطرته علي الحزب الوطني من خلال صداقته لمبارك الابن وتشكيل لجنة سياسات جمال مبارك فقدم العديد من الاستجوابات فاضحاً استيلاء عز علي شركة حديد الدخيلة بالتواطؤ مع الحكومة ليصبح المحتكر الأول للحديد.
لم يكتف بنقد الحزب الوطني ورجاله المحتكرين وإنما انتقد أيضاً سياسات حزب التجمع الذي ينتمي إليه رافضاً أي تنازل عن سياسة الحزب الداعية إلي التغيير وانتقاد صفقات الحزب مع الحزب الوطني والحكومة و"شراء الدماغ" من التزوير الذي تمارسه السلطة مقابل تعيين هنا أو هناك.
ظل الحريري حتي رحيله مثالاً للنائب الوطني الذي نبحث عنه. ظل صوتا عاليا ضد الفساد والديكتاتورية والاستبداد وضد عودة سيطرة رأس المال علي الحكم وضد الطوارئ وتزوير الانتخابات وضد الغلاء والمحتكرين وبيع أراضي الدولة بالفساد والإفساد وضد نهب ثروات مصر.
لقطة :
لدينا في مصر نحو تسعين حزباً وربما يكون من إيجابيات الانتخابات القادمة انه يمكن للمصريين معرفة أسماء هذه الأحزاب وأسماء رؤسائها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف