الوفد
عباس الطرابيلى
سنغافورة.. ودورة تدريبية للمحليات!
توقعت أن يسافر اللواء عادل لبيب ـ وزير التنمية المحلية ـ مع الرئيس السيسى، الى سنغافورة ليشاهد نجاحهم هناك فى تحويل بلادهم إلى جنة أرضية، ينعم فيها كل مواطن بالحياة النظيفة.
ولكن الفرصة مازالت قائمة.. إذ يمكن أن يختار اللواء عادل لبيب وله تجارب ناجحة منذ كان محافظاً لقنا ثم للإسكندرية، وفداً كبيراً من رجال المحليات، التابعين له.. ليمضوا هناك دورة تدريبية تمتد إلى ثلاثة أشهر متواصلة ـ لكل بعثة ـ ليدرسوا ويشاهدوا لماذا نجحوا فى كل شىء.. بشرط أن تكون بعثة حقيقية» وليست مجرد بعثة للمشتريات، كما تعودنا ـ نحن كل المصريين.. وأن تضم كل بعثة مسئولين فى كل النشاطات المحلية والتنفيذية.. وأن نربط ترقياتهم بعد ذلك، بل وكل تنقلاتهم بمدى تطبيقهم ما شاهدوه هناك، فى كل المجالات.. ولكن لماذا سنغافورة؟!
<< لقد زرت سنغافورة مرتين فى ثلاثة أعوام ـ وكانت زوجتى معى فى الزيارة الثانية ـ وشاهدت العجب.
مثلاً نجحوا ـ إلى حد كبير ـ فى حل مشكلة زحام الشوارع بالسيارات سواء بتحديد مناطق معينة وسط المدينة لا تدخلها كل السيارات ولا أى سيارات. سواء بنظام الفردى والزوجى لأرقام السيارات أو بدخول المنطقة لمدة محددة للسيارات المسرح لها، ولا يجوز للسيارة تجاوزها، مع التوسع فى سياات النقل الجماعى لتقليل عدد السيارات الخاصة.. وتطبيق هذا النظام على السيارات الحكومية، أى لا استثناءات بالمرة.. فقط سيارات الخدمة.. جمع القمامة ـ بعد منتصف الليل وقبل الفجر ـ وسيارات نقل البضائع للمحلات كذلك، ثم سيارات الشرطة والإسعاف والمطافئ والإنقاذ.. ولا شىء غيرها.
<< والغرامات المالية ـ وغيرها ـ صارمة للغاية.. وهى باهظة الثمن. ويتم تحصيلها فى الحال. ولقد واجهوا ـ مثلاً ـ مشكلة هواية مضغ اللبان بشدة متناهية. بعد أن وجدوا أن «لبانة» يمكن أن تعطل سلماً كهربائياً، وكل مبانى سنغافورة تعيش على هذه السلالم.. فمنعوا استيراد اللبان.. ثم منعوا صناعته داخل البلاد. والويل لمن يلقى «لبانة» على الأرض.. وغرامة ذلك 100 دولار سنغافورى ـ يعنى 180 دولاراً أمريكياً.
<< ولأن بلادهم استوائية تكثر فيها الأشجار والغابات صنعوا صناديق قمامة الشوارع من الخشب والبامبو.. وجعلوها زينة فى نفس الوقت تعلوها أحواض زهور، وهى ثابتة من القاعدة، حتى لا يسرقها أى شخص، وعندنا فى مصر، يسرقون كل شىء، حتى أغطية المجارى وصناديق القمامة.. وهناك لا تعرف أن هذه الحلية الجميلة هى للزبالة، إلا إذا شاهدت من يفتحها ليضع فيها بقاياه.. وليست كما عندنا، نجد خارجها من قمامة.. أكثر مما فى داخلها.. وهناك مواعيد لجمع القمامة.. لا يمس بها الإنسان.. فلا رائحة.. ولا صورة مقززة.
<< ودورات المياه ـ هناك ـ لا رائحة لها.. ولا مخلفات خارجها أكثر مما بداخلها. ومرة ـ وأنا مريض سكر ـ سألت عجوزاً: أين أجد دورة مياه.. فابتسم الرجل وهو يرد: أنت تستند إليها!! بينما عندنا تعرف مكانها.. قبل أن تراها بمئات الأمتار بسبب رائحتها وقذارتها!!
وهناك الكل أمام القانون سواء.. حتى ولو تدخل رئيس أى دولة.. وأتذكر أن أمريكياً أمسك علبة طلاء وشوه جداراً بالطلاء وصدر الحكم بمعاقبته بدفع غرامة بمئات الدولارات.. مع جلده 100 جلدة وحاول الرئيس الأمريكى ـ بكل جبروته ـ منع تنفيذ الجلد.. ولكن حكومة سنغافورة رفضت.. وتم التنفيذ.
<< وعن الحدائق والخضرة، كنت أعتقد أن ألمانيا أكثر دولة فى العالم اهتماماً بالحدائق.. ولكننى وجدت سنغافورة هى الأفضل، فليست هناك خرابة أو حتى حديقة بدون نجيلة، أى حشائش أو أحواض زهور.. وكله يتم عملية الرى بمياه الصرف المعالجة صحياً تماماً.. إذ المادة ـ هناك لا تفنى!!
ووجدت عمالاً فى يد كل واحد عصا آخرها مدبب أى بسن معدنى يغرس العصا بأى ورقة ـ ولو ورقة شجر ـ ثم يرفعها الى صندوق فى يده.. ليضع كل الحصيلة فى صندوق أكبر.. وبعد منتصف الليل وجدتهم يغسلون شوارعهم ـ كلها ـ وليس فقط شارع أورشارد الأشهر بالمياه والصابون.. وتجفف بالبخار.
<< ولكن البعض عندنا سيقولون: فرق كبير بين عدد سكان سنغافورة وعدد سكان مدن مصر وشوارعها.. ولكنهم هناك عرفوا كيف يضبطون سلوكيات الناس.. وأيضاً الخيول!! فالعبرة هى بالقوانين الرادعة.. وبالتنفيذ الحازم لها.. وفوراً. ولو بالجلد بعد الغرامة.. والمصرى يهمه «قوى» حكاية الغرامة.
<< إيه رأى اللواء عادل لبيب: فى هذه البعثات لنتعلم ولو من سنغافورة لأن ديننا يطالبنا بأن نتعلم، ولو من.. الصين.
ومرة أخرى بعثات للتدريب.. وليست للمشتريات فالمشتريات هى آفة بعثاتنا الخارجية.. واسألونى!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف