الأخبار
عمر طاهر
ورقة صنفرة .. عندما يتحدث الرموز
< لا يجرؤ أحدهم علي الاعتراف بأن بعض مساويء الفترة التي نعيشها الآن هي من مخلفات فترتهم
<

يقابل الواحد أحيانا أشخاصا عاديين يشكون من ثمة تغير في أحوالهم للأسوأ مقارنة بأيام مبارك، يستمع الواحد لهم باهتمام لأن الموضوعية تغلب علي ما يقولونه، يبدأون كلامهم بتسمية كل ملامح الفشل في هذه الأيام ثم يتبعونها بكلمة (ولكن)، يتبعها كلام عن منطقة محددة هي التي تمثل لهم الحسرة علي تلك الأيام وهي منطقة (أكل العيش)، يشكون من تذوق خسارات فادحة والحزن علي أيام كان اللعب بالفلوس لعب، أغلبهم يجيد تسمية حسنات الفترة وسيئاتها بمنتهي الدقة، بموضوعية تنتهي دائما بـ( الحمدلله) وإن شاء الله خير مع التأكيد علي أن كلامهم لا يعني تمني عودة تلك الأيام وتفهم أن تردي الأحوال الإقتصادية حال البلد كله بعد ما شهده علي مدي أربع سنوات.
هذا بالنسبة لرجل الشارع، لكن عندما يقع المايك أمام رموز نظام مبارك، تتأكد مع كل كلمة أن هذا النظام لا يمكن أبدا لعاقل أن يندم علي رحيله.
فأقصي درجة للموضوعية يمكن أن يصل لها أحدهم في برنامج أو حوار صحفي، أن يختزل عيوب هذا النظام في أمرين، التوريث وتداخل البيزنس في السياسة.
طبعا هو إختزال مخل ومعيوب، ورجال النظام لا يتحدثون عن عيوب النظام، ولكن يتحدثون عن الثغرتين اللتين كشفتهما، يتحدثون عن أمرين يعتقدون أنه لو كان تم معالجتهما بحكمة لظلوا في مواقعهم في أمان، يتحدثون عن عيوب سياسية جعلتهم يخسرون الجلد والسقط، عيوب لا تدينهم أبدا ولكن تدين شخصين وحيدين (جمال مبارك وأحمد عز)، ويرون أنه فيما عدا ذلك كان كل شيء تمام وسليم.
رموز غارقة في الغرور والملاوعة بل النفاق إذ يستغلون الفرصة لإرسال تحياتهم للجيش بالتأكيد علي أنهم كانوا يعرفون أن الجيش كان معترضا علي التوريث، الغريب أن هذه الرموز كانت غارقة في أحضان جمال وعز ويشهد علي ذلك أرشيف المرحلة.
لا يجرؤ أحدهم علي الاعتراف بأن بعض مساويء الفترة التي نعيشها الآن هي من مخلفات فترتهم من فساد وإفساد ومركزية ومحسوبية وسياسات أمنية وصفقات سرية وصراعات أجنحة وسوء عدالة أفرز ثراء متطرفا وفقرا فاحشا وشروخا في المنظومة الإدارية من التعليم إلي الصحة إلي مستوي القيادات في كل مصلحة.
لا يعيب أحد الإعتراف باخطائه، وبعض الموضوعية كانت تكفي أيا منهم ليحسن صورته ولو قليلا في كتاب التاريخ، لكن لا أحد فيهم يشعر أنه قد أخطأ في شيء، ويلقي بالمسئولية علي الآخرين، وهذا تحديدا ما أسقطهم إلي الأبد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف