الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. بين الأجداد.. والأحفاد
لفت نظري موضوع رئيسي في صفحات الفن في عدد من الصحف والمجلات.. خاصة المجلات الفنية.. عنوانه كبير يقول: "النجمة المصرية الإيطالية إليزا صيدناوي تفتتح مهرجان البندقية السينمائي".. ومهرجان البندقية بالذات هو أقدم مهرجان سينمائي في العالم.. وهذه هي دورته الـ ..72 وتحرص كل دول العالم علي المشاركة فيه ويحضره كل نجوم ونجمات العالم الكبار المشهورين.. وجائزة "الأسد الذهبي" تعتبر أهم جائزة عالمية تتصارع الدول علي اقتنائها !!! إلي آخر الموضوع الصحفي الكبير.
الذي لفت نظري هو كلمة "صيدناوي" ولما كانت تحمل الجنسية المصرية فهي قطعا حفيدة صيدناوي "باشا" صاحب أحد أكبر محلات مصر القديمة في "العتبة الخضراء" !!! وهو رجل عصامي تحول من صاحب دكان صغير إلي أكبر قصر فخم تتوه في أرجائه.. وكانت له علاقات صداقة حميمة بمعظم كبار رجال السياسة في مصر حتي الملك فؤاد شخصياً الذي منحه رتبة الباشوية نظرا لأعماله الخيرية الكثيرة.. وقيل لي انه كان صديقاً لجدي الكبير وطالما حضر في منزلنا القديم في شارع فهمي بالعباسية اجتماعات عدد من الساسة القدامي الكبار وكان عاشقاً لمصر.
***
كما لفت نظري أيضاً لقب "النرش" في اسم الفتاة الثرية المتهمة بالاعتداء علي ضابط الشرطة بالمطار عقب عودتها من الخارج.. وأيضاً أعتقد انها حفيدة الحاج النرش الكبير ـ فهو اسم غريب لا أعتقد أن يشاركه أحد فيه.. والحاج النرش هو صاحب أكبر جراج سيارات للإيجار أو البيع.. في شارع القبة الفداوية بالعباسية بجوار الحديقة المشهورة التي يتوسطها أحد أقدم مساجد مصر.
كان جراج الحاج النرش في أواخر أيامه يحتل ما يقرب من نصف الشارع.. ورغم انه بني دورا ثانيا فوق الجراج.. أو قل نصف أو ربع دور.. وكله من الخشب كإدارة للجراج إلا انه كان يفضل الجلوس علي الرصيف في الشارع وبجواره منضدة عليها كوب الشاي وصحيفة الأهرام ليقرأ الإعلانات والوفيات وهو أيضاً اشتهر بأنه يشتري أي أرض فضاء بجواره أو أي منزل معروض للبيع أو حتي لو لم يكن معروضا للبيع. كان يساوم صاحب المنزل خاصة بعد أن يكون قد اشتري أرضاً بجوار المنزل!!! حتي وصل في توسعاته إلي هذا الحد الكبير.. كان يملك كل أنواع السيارات من أوتوبيس كبير للرحلات والمدارس إلي سيارات خاصة للإيجار أو البيع.. وعنده سائقون لمن يريد أو بدون سائق!!! مع دفع تأمين.. ومات عم "النرش" بعد أن أصبح أحد مليونيرات مصر.. مثل صيدناوي باشا.
***
وهكذا الآباء والأجداد يتعبون ويشقون ويجوعون ويحملون الأثقال فوق رءوسهم لكي يتركوا لأبنائهم وأحفادهم المال الوفير جداً.. فينعمون بحياة الترف والسعادة.. فهل أحدهم يتذكر هذا ويدعو لهم بالرحمة.. لا أعتقد!!! فالجزاء عند الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف