الأحزاب السياسية التي أعلنت أنها ستقاطع الانتخابات البرلمانية بررت ذلك بعدم استجابة الحكومة لشروطها ومطالبها.
وهي شروط ومطالب جدلية وإن كانت أيضا جوهرية.
ولكن الحقيقة التي يجب أن تعترف بها هذه الأحزاب تتمثل في تخوفها من الفشل وعدم قدرتها علي الحصول علي مقاعد برلمانية تتناسب والهالة التي أحاطت نفسها بها.
فمعهظم هذه الأحزاب مازال هامشيا. مكتفيا بإصدار البيانات والتعليقات والآراء علي المواقع الالكترونية دون أن تجد طريقها للتفاعل والتجاوب مع رجل الشارع العادي..
فرغم مرور أربعة أعوام علي قيام ثورة 25 يناير فإن أياً من القوي السياسية التي برزت بعد الثورة لم يتمكن من تشكيل أو إيجاد كيان سياسي حزبي يستطيع التلاحم مع المواطنين.
وحتي الأحزاب التقليدية القديمة مثل الوفد واليسار لم يكن في مقدورهم ملء الفراغ السياسي في الشارع واكتفوا بحوارات النخبة وأحاديث المثقفين.
وكان فشل كل هذه الأحزاب واضحا في حملة الهجوم الضارية التي تعرض لها أحد رموز الحزب الوطني عندما تقدم للترشح لمجلس النواب القادم حيث اعتبروا ذلك بمثابة عودة للفلول دون أن يعترفوا بأن عودة أحمد عز ورفاقه إنما هي انعكاس لعجزهم عن الوصول إلي قلب وعقل المواطن.
إن مقاطعة الانتخابات ليست هي الحل. والحل يكمن في المشاركة وخوض التجربة والاستفادة منها. وتعلم أسرار الشارع والتلاحم معه والتصدي من خلاله لعودة وتأثير الفلول والإخوان.
* * *
ونأمل أن يعدل السيد عمرو موسي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عن قراره بعدم الترشح لمجلس النواب بعد أن كان من الأسماء المطروحة لرئاسة المجلس.
فعمرو موسي قيمة وقامة وإضافة لمجلس النواب. وهو نموذج للسياسي المقاتل المحارب مهما تقدم به العمر.
وموسي في حواره معه "المصري اليوم" بدا غاضبا من موقف التيار المدني الذي يخوض الانتخابات بثلاث أو أربع قوائم انتخابية.
وقد قال موسي عن ذلك إنه شكل "متفرق" للقوي المدنية..
وما لم يقله موسي هو أنه من الصعب إيجاد صيغة تجمع بين القوي المدنية الموجودة علي الساحة حاليا. فكلهم "زعماء" ورئيس كل مجموعة من اثنين أو ثلاثة يعتقد أنه يصنع قرارات مصر وأنه صانع الثورة والوريث الأوحد لها..!
* * *
وإذا كانت الانتخابات والجولات الانتخابية لم تبدأ بعد. فإن معركة الكشف الطبي وتقديم الطلبات هي التي بدأت وبدايتها كانت حامية الوطيس في إحدي المحافظات حيث وقعت اشتباكات بالأيدي علي أولوية تقديم الطلبات..!
وربنا يستر مما يمكن أن يحدث في فترة الدعاية الانتخابية. وفي ظل أجواء الانفجارات والتربص بالوطن ومحاولة إرهابه.
وعلي أية حال فهذا موسم الفتوات و"البودي جاردات". وكل صاحب عضلات.. فهم وحدهم سيكونون في المقدمة. وهم الذين سيرددون الهتافات ويحملون المرشح فوق الأكتاف.. وكلها أرزاق.
* * *
والتسريبات التي يتم بثها من إحدي قنوات الإخوان تمثل خيانة جديدة للوطن وتحريضا سافرا ضد مصر ومصالحها.
فهذه التسريبات تحاول الآن أن تدق إسفينا في العلاقات المصرية الخليجية وهي محاولات مصيرها الفشل لأن مصر. وقد أعلنت مرارًا وتكرارًا ذلك.. وعلي لسان رئيسها هي العمق الاستراتيجي لكل دول الخليج. ودول الخليج هي العمق لمصر.. وما بيننا وبين الأشقاء في دول الخليج يتجاوز أي محاولات للوقيعة أو تشويه هذه العلاقات المتميزة.
ولن تكون هذه التسريبات والمحاولات هي الأخيرة. فلن يتوقفوا عن محاولة هدم مصر فلم يعد يهمهم الآن إلا أن تعم الفوضي وينهار الاقتصاد وينعدم الأمن.. فهذا هو الرهان الأخير لهم.
* * *
ولا بد من التركيز علي الإيجابيات وأن نشيد بكل عطاء وجهد واضح وملموس في أي مكان وفي أي مجال.
وفي مستشفي الشروق العام وهو مستشفي حكومي يقدم خدماته الصحية لأهالي مدينة الشروق وما حولها فإن الإدارة الجيدة لهذا المستشفي والمعاملة الآدمية للمرضي والانضباط الوضح من الأطباء والعاملين به جعل منه نموذجا لكيفية أداء أفضل الخدمات بأقل الإمكانيات. وعكس مفهوما وواقعا جديدا للشكل الذي يجب عليه أن تكون عليه المستشفيات الحكومية وكيف يمكن أن تستعيد ثقة المواطن وأن تحترم آدميته.