رسمياً -كما نشرت عدة مواقع صحفية- أعلن المهندس أحمد عز الترشح للانتخابات البرلمانية. جميل! ليس «عز» الوحيد من رموز الحزب الوطنى «المنحل» الذى قرر الترشح، بل الكثير من الأسماء التى سبق وشاركته برلمان 2010 قررت ذلك، ولا يخفى عليك الطريقة التى جاء بها أعضاء هذا البرلمان والتى كانت واحدة من الأسباب التى أدت إلى غضب الشارع المصرى على نظام «مبارك» والنزول ضده فى 25 يناير 2011. بالمعايير القانونية من حق «عز» وغيره أن يترشح، ربما كان هناك نوع من الحرج السياسى فى الأمر، لكن الحرج مرفوع إذا رضيت السلطة الحاكمة بذلك، ولم تتدخل بالنصح أو بالتوجيه لوقف قطار «الحزب المنحل» الذى ينطلق من جديد!
دعك من كل هذه الأمور فقد أشبعها غيرى بحثاً وتحليلاً، أريد أن أتوقف عند ملاحظة محددة تتعلق بالمهندس «عز». فمنذ خروجه من السجن لم يُدل أحمد عز بأى تصريح جاء فيه سيرة الرئيس «السيسى» من قريب أو من بعيد. ووجه الغرابة فى هذا الأمر أن المهندس -كما تعلم- واحد من كبار رجال الأعمال فى مصر، وقد طالب «السيسى» هذا الجمع من المصريين بالتبرع لصندوق تحيا مصر، نعم لم يتبرع أغلب هؤلاء للصندوق، وكانوا أشحّة عليه، لكنهم عمدوا إلى الإفراط بأحاديث طويلة عريضة عن الرئيس والدور الذى لعبه فى حماية الوطن ومكافحة الإرهاب وثقتهم فى قدرته على النهوض بالبلاد. الكل «تكلم» أو «نقّط» أو دفع، إلا «عز» لم ينطق ببنت شفة، ولم يتبرع بشىء، أيضاً حاول رجال أعمال كثيرون التواصل مع الرئاسة، لأسباب مختلفة بالطبع، إلا «عز». لست أدرى هل تفسير ذلك أن «عز» يجلس فى بيته «كافى خيره شره»، أم أن عدم ظهور أى كلام عن الرئيس أو الرئاسة على طرف لسانه يعنى موقفاً معيناً!
فى ظنى أن التفسير الثانى هو الأرجح. فربما كانت المسألة ترتبط بموقف ما، فـ«عز» أعلن رسمياً الترشح للانتخابات، الأمر الذى يعنى أنه يريد أن يكون لاعباً فى المشهد السياسى، وبسبب إمكانياته المالية الكبرى، وجميعنا يعلم مصدرها، وخبراته فى «التظبيط الانتخابى»، والتى تم تجريبها فى برلمان 2010، و«التظبيط البرلمانى» وقد ظهرت فى مواقف عدة فى تجربة برلمان 2005، ومن أبرز أبعادها قدرته على التنسيق مع الإخوان وتلجيمهم وقتما يحب وإطلاقهم وقتما يهوى، لكل هذه الأسباب يصبح إحجام أحمد عز عن التواصل مع الرئاسة «موقفاً»، وهو موقف يبدو أقرب إلى السلبية منه إلى الإيجابية، وليس رغبة منه فى أن يكفى خيره شره!
يساند هذا التفسير ما سبق ونشره الصديق عماد الدين حسين فى جريدة الشروق من أن جهة سيادية سبق وخيّرت «أحمد عز» بين «الصمت أو العقاب». فالواضح أن هذا الأمر استنفر المهندس إلى درجة أصبح يمكننا معها النظر إلى مسألة ترشحه فى الانتخابات كنوع من «التحدى»! وإذا أخذت فى الاعتبار أن المال سيكون له الكلمة الفصل خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة -كما يؤكد العديد من الخبراء- فإن نجاح أحمد عز صاحب المال الوفير يكاد يكون مضموناً، وهو ما يفرض علينا أن نردف كلمة «التحدى» بوصف «الصريح». نعم نزول «عز» الانتخابات تحدٍّ صريح للجهة السيادية التى سبقت وخيرته بين الصمت والعقاب!