الوفد
سناء السعيد
وفاز بالصفقة الجسور..
لم يعد هناك خيار اليوم أمام كل من عارض الاتفاق النووى مع إيران إلا أن يقبل به بعد أن بات واقعا ينبغى التعامل معه فى أعقاب نجاح أوباما فى تأمين تأييد كاف لتمريره فى مجلس الشيوخ بما يمكنه من استخدام حق النقض ضد أى قرار محتمل قد يتخذه الكونجرس لابطال الاتفاق النووى مع إيران الذى تم توقيعه فى 14 يوليو الماضى وأقرته خمس دول كبرى إلى جانب أمريكا. الأمر الذى أربك المعارضين له ويتصدرهم حكومة نيتانياهو.
لقد خاض البيت الأبيض معركة شرسة ضد الجمهوريين ولجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية « الأيباك» التى رصدت نحو أربعين مليون دولار لبث اعلانات تلفزيونية دعائية تحث المواطنين الأمريكيين للضغط على ممثليهم فى الكونجرس لرفض الاتفاق. بيد أن محاولاتهم باءت بالفشل وتأكد اليوم أن الموافقة عليه باتت أمرا واقعا إذ من المفترض أن يتم التصويت عليه فى 17 سبتمبر الجارى. الجدير بالذكر أن الاتفاق ـــ الذى يأتى بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة ـــ يضمن عدم انتاج إيران سلاحا نوويا مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
ولاشك أن إسرائيل ستظل مشحونة بالقلق حيال الاتفاق والذى ترى فيه التهديد الأكبر لأمنها القومى رغم أنها على أرض الواقع تؤمن بأن البرنامج النووى الإيرانى لم يصل إلى مرحلة تصنيع السلاح النووى.ولكنها ورغم ذلك تظل متشبثة بموقفها الرافض للاتفاق، وتظل حريصة على التحريض ضد إيران إلى حد التلويح بالخيار العسكرى فى التعامل مع هذه القضية كعامل ردع.أما ما تحاجج به إسرائيل هنا فيرتكز على أن الاتفاق لن ينجح فى منع إيران من تطوير أسلحة نووية بل سيسمح لها بممارسة قدر أكبر من النفوذ فى المنطقة. وبالتالى لن تتوقف إسرائيل عن خوض المعارك ضد البرنامج النووى الإيرانىمستخدمة فى ذلك شتى الضغوط والوسائل السياسية.
لقد منيت إسرائيل بهزيمة ساحقة لاسيما مع التغير الذى طرأ على السلوك الغربى تجاه إيران، ففى السابق كان الغرب عازفا عن أن تضطلع إيران بأى دور فى الأزمة السورية على أساس أنها أقوى داعم للرئيس بشار. اليوم اختلف الوضع ورأينا ألمانيا على لسان «ميركل» تعلن عن ترحيبها بمشاركة إيران فى أى مفاوضات تهدف إلى انهاء الأزمة فى سوريا، ورأينا أمريكا ترى فى إيران محورا مهما فى التصدى لداعش فى الجبهة العراقية، ورأينا بريطانيا تعيد فتح سفارتها فى طهران ويقوم وزير خارجيتها بزيارة إيران لدعم العلاقات معها. وهكذا نجحت إيران فى ابرام صفقة مزدوجة من خلال الاتفاق النووى، ففضلا عن رفع العقوبات، فإن الاتفاق وضع حجر الأساس لتحسين علاقاتها مع الغرب فى كل المجالات سياسيا واقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا. ويكفى أنه منحها اعترافا دوليا بدورها الطليعى النافذ فى المنطقة.....
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف