الوفد
عباس الطرابيلى
محطة عتاقة.. يا وزير الكهرباء!
خلال تواجده فى بكين ـ مع الرئيس السيسى ـ قال وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر للوفد الصحفى المرافق للرئيس إن هناك مشروعًا هائلاً فى جبل عتاقة سيتم التفاوض عليه. وهو عبارة عن «محطة ضخ وتخزين.. وتوليد» وهذا المشروع سيعطى لمصر 2100 ميجاوات من الكهرباء، ويتكلف 2300 مليون دولار. وهو يخدم وقت الذروة.. أى فترة تزايد الأحمال أى تزايد الطلب على الكهرباء.. وأنه تم الانتهاء من الدراسات الخاصة به.. ونسب بعض الاعلاميين للوزير قوله إنه سد عالٍ جديد هنا لنا عدة تساؤلات.
<< ورغم أننى أعترف بجهود الوزير الحالى فى عبور فترة ذروة الاستهلاك فى الصيف الحالى ـ وهذا جهد يشكر عليه الوزير ورجاله.. ولكننى أرى فى هذه التصريحات كثيرًا من التجاوزات.. أقول ذلك وأنا أقدم صحفى متخصص فى شئون الكهرباء.. بجانب البترول ـ منذ كنت بجوار الدكتور عزت سلامة منذ كلفه جمال عبدالناصر بإنشاء أول وزارة للكهرباء فى مصر ـ وكان وقتها محافظًا لأسوان ـ وذلك فى شهر مارس 1964.
ذلك أن حديث الدكتور شاكر عن هذا المشروع لم يشر من بعيد، أو قريب ـ إلى أن صاحب فكرة هذه المحطة هو الدكتور عزت سلامة وفريقه الرائد الذى انشأ معه قطاع الكهرباء، وفى مقدمتهم الدكتور محمود القشيرى رئيس هيئة كهرباء مصر والمهندس صلاح الشاذلى وكيل الوزارة الذى كان مسئولاً عن الكهرباء المائية ـ وبالذات منخفض القطارة ـ والدكتور عباس زعزوع وكيل الوزارة.
<< واستغل الدكتور عزت سلامة زيارة مستر نوفيكوف نائب وزراء الاتحاد السوفيتى للصناعة والطاقة لمصر وانطلق معه ـ وأنا معهم ـ إلى جبل عتاقة ـ جنوب السويس ـ وكنا قد اكتشفنا وجود فجوة كبيرة أعلى الجبل، قد تكون فوهة بركان، تصلح كخزان للمياه.. وطرنا فوق هذه القمة التى اقترح الدكتور سلامة استخدامها كخزان للمياه المالحة.. نرفعها من خليج السويس ـ فى الصباح ـ أى وقت انخفاض الطلب على الكهرباء.. ثم فى فترة زيادة الأحمال ـ أى ذروة الأحمال ـ يتم إسقاط هذه المياه ـ من هذا الارتفاع ـ على توربينات تديرها المياه الساقطة.. فتولد لنا.. الكهرباء!! ومعروف أن الكهرباء المنتجة بهذه الطريقة المائية يتوقف كميتها على عنصرين: الارتفاع.. وكمية المياه الساقطة.. وأعجب المسئول السوفيتى بهذه الفكرة.. ووعد بدراستها.
<< وفى مساء اليوم التالى جلست فى فندق سان ستفانو إلى مستر نوفيكوف أجرى معه حديثًا ـ وكنا قد عدنا من معاينة موقع الترسانة البحرية بالإسكندرية.. وناقشت معه الفكرة.. ويومها قال إنها تكمل فكرة انتاج الكهرباء المائية من السد العالى ومن خزان أسوان، ونشرت هذا الحديث فى جريدة الأخبار. ولكن الفكرة تعثرت بسبب التكاليف وأيضًا بسبب التفكير فى استخدام الفحم لانتاج الكهرباء فى السويس.. تمامًا كما تعثرت فكرة توليد الكهرباء المائية ـ أيضًا ـ من مشروع منخفض القطارة بسبب سياسى هو تطور علاقتنا مع ألمانيا الغربية التى كانت تمول المشروع وأبحاثه.. ولسبب آخر هو الخوف من أن يؤثر خزان المياه المالحة التى سندفع بها من عند العلمين، إلى فوهة المنخفض عبر قناة طولها 90 كيلو مترًا، إذ كان الخوف أن تؤثر هذه المياه المالحة على المخزون الجوفى للمياه الحلوة فى صحرائنا الغربية.
<< وتعثر مشروع جبل عتاقة بنقل الدكتور عزت سلامة من وزارة الكهرباء إلى وزارة الاسكان.. ثم إلى وزارة التعليم العالى.. إلى أن جاءت هزيمة يونية 1967.. وتوقف كل شىء.
والسؤال الآن: هل يمكن استخدام طاقة الرياح.. والطاقة الشمسية.. وطاقة أمواج البحر، فى رفع المياه من سطح خليج السويس، توفيرًا للطاقة الكهربائية حتى ولو كانت سوف تستخدم فى فترة انخفاض الاستهلاك «الذروة» بالذات من ساعات الفجر وحتى ما بعد الظهر.. بدلاً من استخدام الكهرباء.. تلك فكرة أطرحها خصوصًا أن منطقة البحر الأحمر تكثر فيها الرياح ـ وهناك مزرعة متقدمة منها لانتاج الكهرباء.. وكذلك حركة الأمواج والفرق بين درجة حرارة مياه البحر، عند السطح.. عما هى أعمق.. دعونا نفكر.
<< وأتمنى من الوزير ذى الجذور الدمياطية «عائلة المرقبى من حارة البركة قسم رابع دمياط ولهم مدرسة ابتدائية تحمل اسم العائلة» أن يرد الفكرة إلى الدكتور عزت سلامة.. ولكننى أعتب على الاعلام المصرى بما قاله عن هذه المحطة.. ومحطة السد العالى رغم أن انتاج 2100 ميجاوات، أى 21 ألف كيلووات، ليست بالكمية القليلة فى عالم الكهرباء.. وأن يمضى الوزير قدمًا لزيادة احتياطى الكهرباء إلى 20٪ ورحم الله م. ماهر أباظة الذى وفر لنا فى التسعينيات 14٪ احتياطيًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف