مؤمن الهباء
شهادة .. أمريكا ثم أمريكا.. ثم روسيا
أمريكا قدمت مساعدات عسكرية للثوار في سوريا لمواجهة نظام الأسد.. وأمريكا قامت - عبر تركيا - بتدريب عناصر المقاومة السورية المعتدلة عسكرياً لمحاربة النظام الفاشي.. وأمريكا تشكل تحالفاً عربياً لشن ضربات جوية ضد مواقع تنظيم داعش في سوريا والعراق.. وأمريكا تؤكد علي لسان وزير خارجيتها جون كيري أنه مقتنع بأن بعض الدول في الشرق الأوسط سترسل في الوقت المناسب قوات برية إلي سوريا لقتال داعش.. وسيتم مناقشة هذا الأمر في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثم إن أمريكا بعد هذا كله وقبله هي التي تقود مفاوضات جنيف بين نظام الأسد والمعارضة علي أمل إيجاد حل سلمي للأزمة عبر التفاوض.. وهي التي أعدت الآن وثيقة تم تسريبها من إحدي العواصم العربية تتعلق بمبادرة لحل الأزمة السورية تدعو إلي حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة.. ومجلس عسكري مشترك من النظام والمعارضة في مرحلة انتقالية توصل البلاد إلي إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية الأمم المتحدة.
وتتجاهل الوثيقة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلا أنها اقترحت تأسيس المؤتمر الوطني السوري من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.. ورفضت إقصاء حزب البعث.. علي أمل أن يساعد ذلك في إعادة بناء مؤسسات الدولة وأولها الجيش والأجهزة الأمنية.
علي الجانب الآخر ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن روسيا ستتدخل عسكرياً لصالح النظام السوري من خلال قاعدة عسكرية وطيارين روس سيشنون غارات علي مواقع المعارضة وتنظيم داعش.
وطبقاً لما نشرته شقيقتنا "الجمهورية" يوم الاربعاء الماضي فإن روسيا وإيران.. وبموافقة ضمنية من الولايات المتحدة.. اتخذتا قراراً استراتيجياً للقتال إلي جانب بشار الأسد.. وبدأ سلاح الجو الروسي الطيران في سماء سوريا.. وأن الآلاف من الجيش الروسي والمستشارين ورجال الجهاز اللوجستي والفني ومقاتلين من جهاز مضادات الطائرات وطيارين سيصلون جميعاً إلي سوريا في الأسابيع القليلة القادمة.
وهكذا صارت سوريا ساحة للقتال الدولي.. وعلي أرضها تدور حرب عالمية مفتوحة بكل معني الكلمة.. ولا أحد يستطيع أن يحدد بالضبط الجنسيات التي تتقاتل.. والأهداف الحقيقية الاستراتيجية التي وضعها كل طرف لنفسه.. لكننا نستطيع أن نستنتج فقط أن هناك اتفاقاً غير مكتوب وغير معلن بين الجميع علي أن تستمر الحرب إلي ما لا نهاية.. حتي تدمر تماماً سوريا الدولة والقوة وتقسم أراضيها.. فلا يبقي لها بعد ذلك ذكر ولا وزن.
أمريكا تقاتل مع المعارضة ضد بشار.. وتقاتل مع العرب وتركيا ضد داعش.. ومع إسرائيل ضد بشار.. ثم هاهي توافق ضمنياً علي أن تدخل قوات روسية لتحارب إلي جانب الميليشيات الإيرانية وقوات حزب الله اللبناني دفاعاً عن بشار.. وتؤكد إيران في تحد واضح أنه لا بديل عن بشار.
أمريكا تتحرك بألف وجه.. وتسعي إلي أفغنة سوريا.. وربما تستهدف توريط روسيا في المستنقع السوري حتي تصفي حساباتها مع بوتين وتأخذ بثأر أوكرانيا.
أما روسيا فالواضح أنها نسيت درس أفغانستان.. حينما كانت تواجه مقاتلين من كل الجنسيات نجحوا في أن يحولوا المعارك معها إلي حرب عصابات.. ويحولوا الحرب إلي جهاد وانتصروا.. والآن يلعب داعش نفس اللعبة.. فهو تنظيم يضم العديد من الجنسيات ويعلن الجهاد.. ويتحرك في مساحة شاسعة شمال العراق وسوريا.. وبالتالي لن تكون المواجهة سهلة ولن تكون النهاية قريبة.. وهذا بالضبط ما تريده أمريكا وإسرائيل.