في عدد الأربعاء الماضي نشرت صحيفة "الشروق" نقلاً عن تقارير صحفية إسرائيلية أن تل أبيب طلبت من القاهرة وقف جهودها لتمرير قرار بإخضاع المنشآت النووية الإسرائيلية للتفتيش الدولي.. ونقلت "الشروق" عن "هاآرتس" الإسرائيلية أن العلاقات المصرية الإسرائيلية شهدت توتراً كبيراً خلال الأشهر القليلة الماضية علي خلفية المساعي المصرية لفرض رقابة دولية علي البرنامج النووي الإسرائيلي.. وقال مسئول إسرائيلي كبير إن تل أبيب كانت تتوقع أن يؤدي التعاون الوثيق بين البلدين إلي وقف مشروع القرار المصري أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مر علي نشر هذا الخبر حوالي أسبوع ولم تكذبه تل أبيب أو القاهرة.. وهو ما يعني أن الرسالة الإسرائيلية صحيحة.. وأن الموقف المصري مازال قوياً وصامداً في مواجهة البرنامج النووي الإسرائيلي الغامض.. والذي لا يخضع لأية رقابة دولية رغم الضجة الكبري التي تثيرها أمريكا وإسرائيل ضد أية دولة تفكر في إنشاء مفاعلات نووية حتي وإن كانت للاستخدام السلمي.
صحيح أن كل المحاولات المصرية والعربية الداعية لفرض رقابة دولية علي المنشآت النووية الإسرائيلية مثل كل دول العالم باءت بالفشل بسبب الدعم الأمريكي والغربي الهائل لإسرائيل.. وبسبب ازدواجية المعايير التي تتعامل بها المؤسسات الدولية إلا أن ذلك لم يثبط همة مصر ولا يجب أن يثبطها ويحبطها ويثنيها عن المطالبة بإخضاع مفاعل إسرائيل للمراقبة.. وإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.. بما في ذلك إسرائيل.
وقد نقلت "هاآرتس" عن مسئولين إسرائيليين أن وفداً إسرائيلياً ضم إسحاق مولوخو المبعوث الخاص لرئيس الوزراء نتنياهو ويوسي كوهين مستشار الأمن القومي زار مصر قبل 3 أسابيع.. ونقل الرسالة إلي المسئولين في الحكومة المصرية التقي بهم وبحث معهم القضية.. خاصة أن الخارجية المصرية تقود الحملة المعادية للبرنامج النووي الإسرائيلي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأوضح مولوخو وكوهين للمسئولين المصريين أن تل أبيب غير راضية عن المساعي المصرية ضد البرنامج النووي الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة.. وأن التحرك المصري لن يؤدي إلي نتيجة لأن إسرائيل ستنجح في وقفه مثلما فعلت في السنوات الماضية.
وتضمنت الرسالة أن هناك إحباطاً كبيراً في إسرائيل من عدم تغير سياسة الحكومة المصرية تجاه البرنامج النووي الإسرائيلي علي الرغم من الدعم الكبير الذي تقدمه إسرائيل لمصر في الحرب ضد الجماعات الإرهابية في سيناء وموافقتها علي دخول قوات للجيش المصري إلي سيناء تفوق المسموح به في معاهدة السلام.
والواضح من هذه الرسالة أن إسرائيل لم تفهم الشعب المصري فهماً صحيحاً حتي الآن.. فالتعاون بين الحكومتين ومعاهدة السلام وتبادل السفراء.. كل ذلك لا يمكن أن يجعل من العدو صديقاً.. ولا يمكن أن يغير من طبيعة العلاقات.. وإنما الذي يغيرها هو مسلك إسرائيل.. خصوصاً فيما يتعلق بأطماعها التوسعية.. واعتداءاتها المتكررة علي الشعب الفلسطيني الشقيق ومقدراته ومقدساته.
الإرهاب سوف ينتهي.. ولن يكون له وجود علي أرض مصر قريباً.. لكن إسرائيل ستظل هي العدو.. أمس واليوم وغداً.. حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً.