الأهرام
د. عمرو عبد السميع
ألمانيا والسعودية والسلاح
ما أكثر الذى يستوقفنى فى الساحة الدولية هذه الأيام من أحداث أراها ترسم الملمح الأكثر حضورا فى نظرة الغرب لنا، أو سلوكياته تجاهنا. ومن ذلك قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بوقف تصدير السلاح الألمانى للمملكة العربية السعودية، خشية وقوع تلك الأسلحة فى أيادى الإرهابيين.
وبالقطع فإن الحجة الألمانية تعبر عن انحيازات مطلقة ذات طابع يضغط ـ باستمرار ـ لصياغة واقع بعينه فى منطقة الشرق الأوسط، فلماذا السعودية ـ بالذات ـ التى سيقع سلاحها فى يد الإرهابيين؟ ولماذا لم تر ميركل ذلك حين قررت أن تزود الأكراد بالسلاح الألماني؟..، ثم إن السعودية (دولة) لها جيش وشرطة أدت على نحو رفيع فى مطاردة الإرهاب بقيادة الأمير محمد بن نايف ولى ولى العهد الحالي، ومسألة وقوع سلاحها فى يد الإرهابيين تبدو غير مفهومة.
ألمانيا ـ ببساطة ـ قريبة من إيران منذ أيام الشاه رضا بهلوي، وشاركت فى مشروعه النووي، وألمانيا أيضا كانت من أكبر مؤيدى (الاحتواء المزدوج) أيام كلينتون كبديل للصدام مع إيران، وألمانيا الآن تدفع وتشجع اتفاق (5 + 1) مع إيران، الذى ربما ـ يفضى إلى اضطلاع طهران بدور إقليمى واسع، ومن ثم فإن ألمانيا هى من مشجعى حصار الوزن السعودى لمصلحة إيران.

ومنع تصدير السلاح للسعودية بسبب توقع استيلاء الإرهابيين عليه هو مسخرة حقيقية، إذ ما الذى يمنع ـ كذلك ـ من استيلاء الإرهابيين على السلاح فى ألمانيا نفسها؟..

وأذكر فى عام 1997 أننى حضرت اجتماعا هامشيا من الذى تقيمه منظمات المجتمع المدنى والشركات على هامش المؤتمرات السنوية للأحزاب البريطانية، وكنا فى برايتون إبان مؤتمر حزب العمال.

وفى هذا الاجتماع الهامشى وجدت مطالبات حماسية جدا لمنع تصدير معدات أمنية معينة للسعودية، بحجة أنها يمكن أن تستخدم فى تعذيب المعتقلين، يعنى هناك افتراض مسبق أن الأدوات التى تستوردها السعودية ستستخدم فى التعذيب، كما هناك افتراض مسبق أن السلاح الألمانى إلى السعودية سيقع فى أيادى الإرهابيين، لا بل إن هناك افتراضا مسبقا لتعذيب لم تقدم دلائل عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف