علاء عريبى
رؤى .. ترشح «فودة» و«الجميل» للبرلمان
المفاجأة التى قد تدهشنا جميعا فى قضية رشوة وزارة الزراعة، أن محمد فودة وأيمن الجميل قد يفرج عنهما من سراى النيابة، وقد يتقدمان بأوراقهما للترشح فى الانتخابات البرلمانية، وربما ينجح أحدهما أو ينجحان معا ويحملان صفة النائب البرلماني، ويتمتعان بالحصانة البرلمانية، والمضحك أنهما سيتحدثان باسم الشعب.
هذه المسخرة أو المفاجأة لن تتم بحيلة أو بواسطة، بل بالقانون، المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات منحت الراشى والوسيط رخصة تعفيهما من العقوبة فى حالة مساعدة سلطات التحقيق فى إحكام الجريمة ضد المرتشى، بصياغة أبسط: المادة 107 أتاحت للراشى والوسيط أن يكونا شاهدين لا متهمين، أو حسب المصطلح المتداول: «شاهد ملك»، حيث نصت على: «يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها».
والإخبار والاعتراف يمكن أن يكونا عند الإبلاغ بطلب الموظف للرشوة، أو بعد القبض عليهما، والمؤسف فى هذه المادة أنها منحت العفو للراشى والمرتشى بشكل عام، دون أن تميز بين تقديمه رشوة لإنهاء أوراق معطلة، وبين تقديم رشوة للحصول على ما ليس له حق فيه، وفى قضية وزارة الزراعة قدمت الرشوة لإنهاء إجراءات 250 ألف فدان، توسط «فودة» وسدد «الجميل» بعضاً من المبالغ والهدايا المتفق عليها، وسواء كانت الرشوة للإسراع فى إنهاء أوراق معطلة لأرض غير مستولى عليها، أو كانت الرشوة لتمكين «الجميل» من الاستيلاء على الأرض، فالمادة 107 مكرر صريحة، والعفو فيها للراشى والوسيط عام ويشمل الحالتين.
المتوقع أن يستغل دفاع الراشي والوسيط نص المادة 107 مكرر، وينصح الراشى والمرتشي بالاعتراف وتقديم المستندات التى تساعد النيابة فى إحكام الجريمة ضد وزير الزراعة ومدير مكتبه، حيث سيتم الاتفاق بين الدفاع والنيابة على مساعدتها فى إثبات الاتهامات مقابل الإفراج عن الراشى والمرتشى، وستوافق النيابة ويتم تغيير مركزهما فى القضية من متهمين إلى شهود إثبات، وبعد اعترافهما ستفرج النيابة عنهما.
المضحك أنه خلال التحقيقات يمكن لموكلي الراشى والمرتشى تقديم أوراقهما للجنة الانتخابات، ويمكن الكشف الطبى عنهما خلال محبسهما أو بعد الإفراج عنهما، وبعون الله ستقبل أوراقهما ويصبحان مرشحين بحكم القانون، خاصة وأن المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية (45 لسنة 2014، وتعديله رقم 92 لسنة 2015)، اشترطت لحظر الترشح صدور أحكام قضائية نهائية وباتة فى القضايا المخلة بالشرف وقضايا التهرب الضريبي أو التفالس أو غيرها مما ذكر في البنود من (8:1).
من الآخر وبالقانون قد نرى «فودة» و«الجميل» غداً أو بعد غد يمارسان حياتهما الطبيعية، وتجرى القنوات والصحف معهما لقاءات، وسيؤكدان أنهما أجبرا على تقديم الرشوة، وربما يرتديان ثوب الأبطال وينسبان لأنفسهما الفضل فى إسقاط وزير الزراعة ومساعده، وقد نقرأ بالصحف ونرى فى الفضائيات قيامهما بجولات انتخابية فى دمياط وجمهورية زفتى، وكله بالقانون.