انها الحرب.. وهي حرب مقدسة ومشروعة.. وحرب ضرورية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.. حرب تحتاج إلي رجال أقوياء وإلي مؤسسات مستقلة مفوضة في المحاسبة والمساءلة بدون أي اعتبارات.. انها الحرب علي الفساد.
وهي حرب أصعب وأقوي من الحرب التي تخوضها أجهزتنا الأمنية الآن ضد الإرهاب.. وهي حرب طويلة وتحتاج إلي قوانين وخطط ثقافية وتعليمية وإعلامية للحد منه. والوصول به إلي النسب التي لا تؤثر علي مسيرة التنمية.
فحتي الآن لا توجد دولة قضت علي الفساد نهائيا ولم تعلن أي دولة إنها خالية من الفساد.. لان البشر هم من يمارسون الفساد لكن هناك أكثر من 50 دولة الفساد فيها قليل جدا.. وعندما يتم ضبط جريمة تقوم الدنيا ولا تقعد هناك وقد تسقط حكومات وتحل برلمانات بسببها.
والقضاء علي الفساد يحتاج إلي ثورة في القوانين الحالية ومنها قوانين الإجراءات الجنائية والعقوبات وعشرات القوانين الاقتصادية، كما يحتاج إلي إصدار سلسلة من القوانين الوقائية مثل قانون حرية تداول المعلومات وقانون منع تضارب المصالح وآخر لحماية الشهود والمبلغين .. نحتاج إلي الوفاء بالتزامتنا الدولية الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
وبدون هذه الإجراءات فكل ما ستقوم بها أجهزة الرقابة والضبط من اعمال مكافحة الفساد ومطاردة الفاسدين ستضيع هباء بل سوف يزيد الفساد وخاصة الفساد الصغير الذي هو أخطر من الفساد الكبير.. فالمسئول الصغير الفاسد يتوحش كلما تمت ترقيته في موقعه وكان أكثر خبرة وقدرة علي التحايل علي القوانين لممارسة فساده.
أقول هذا بمناسبة النشاط الملحوظ لهيئة الرقابة الإدارية في مكافحة الفساد وهذا المجهود الذي توج بقضية وزير الزراعة الذي القي القبض عليه فور خروجه من مجلس الوزراء بعد تقديم استقالته.. أو إقالته.. وهي واقعة تحدث في مصر لأول مرة منذ سنوات طويلة..
هذه الواقعة سبقها نشاط كبير لهيئة الرقابة الإدارية وقد نوهت عنه في مقالة سابقة.. ما شجع جهار آخر القيام بدوره وهو مباحث الأموال العامة.. التي بادرات بالقبض علي النائب السابق يحيي الفخراني، وهي القضية التي تحتاج إلي إحالتها إلي قاضي تحقيق لما بها من أمور يجب ان يتم فحصها..
ويجب ان تمتد عملية مكافحة الفساد إلي باقي الأجهزة.. نريد منها ان تعمل بجدية لمواجهته بقوة وبدون اي اعتبار لمكانه الفاسد ووظيفته ومن يتعلل بأن قضية وزير الزراعة ستجعل من المسئولين أيديهم مرتعشة فهو أمر مردود عليه.
لان الشفافية والنزاهة هما اللتان تحميان أي مسئول والقرار عندما يكون مسئولية جماعية ومعروضاً علي اصحاب الاختصاص هو أولي خطوات حماية المسئول.
فالحرب علي الفساد يجب ان تكون مستمره وليست قضية واحدة فيها صيد ثمين ثم نسكت.. لكن نريد ان نحاسب كل القطط السمان في هذا البلد ونحن امام فرصة ذهبية الآن أمام جهاز قوي مثل هيئة الرقابة الإدارية، هذا الجهاز الذي أعطي أملاً للشعب المصري ورسالة واضحة إلي كل المستثمرين ان الرئيس عبدالفتاح السيسي قرر اعلان الحرب المقدسة علي الفساد .. وهي رسالة للعالم بأن شمس مصر الجديدة اشرقت الآن.