الأخبار
يوسف القعيد
حق الشهيد
أي إنسان لا بد أن يثلج قلبه ويرضي ضميره أن تتوجه مصر الآن لحق الشهداء وأن تحاول أن تأخذ لهم حقوقهم

أخشي ما أخشاه مما يدور في مصر الآن أن نقع في الحفرة التي يريدون لنا أن نقع فيها. ألا وهي أن نهتم ببعض الأمور علي حساب أمور جوهرية أخري. لا أريد أن يفهم من كلامي أنني أطالب بعدم الاهتمام الإعلامي بالحرب علي الفساد التي أعتبرها لا تقل أهمية ولا خطورة عن الحرب ضد الإرهاب. بل ربما كانت هذه الحرب هي الوجه الآخر لتلك الحرب. وعندما يكتملان معاً يمكن أن نحلم أن نصل إلي مصر الجديدة. التي تعبنا كثيراً من أجل الوصول إلي أول الطريق إليها.
ولكن أي وطن لا بد أن يرتب أولوياته في ضوء مصالحه العليا. لنهتم بالفساد. ولنكتب عنه. ولنعتبر أن محاربته واحدة من أشكال شرعية مصر الجديدة التي ننتظر أن نراها ذات صباح. وإن كنت أعتقد أن إهمالنا للحرب علي الإرهاب التي تجري في سيناء خطأ لا أحب أن نتمادي فيه حتي نصل لمستوي الخطيئة في حق الوطن.
لقد بدأت القوات المسلحة عملية عسكرية كبري تحت عنوان: حق الشهيد. وأي إنسان لا بد أن يثلج قلبه ويرضي ضميره أن تتوجه مصر الآن لحق الشهداء وأن تحاول أن تأخذ لهم حقوقهم. فهم لم يعودوا معنا في الدنيا. وأقل ما نقدمه لهم علاوة علي تذكرهم والاحتفاء بما قدموه والعرفان بجميلهم تجاه الوطن. أن نعتبر أن لهم حقوقاً علينا نحن الأحياء لا بد من الوفاء بها. فحق الشهيد مقدس. وإن كان حق الإنسان الذي ما زال علي قيد الحياة يمكن مناقشته أو إعادة النظر فيه. فإن حق الشهيد لا يقل عن مستوي القداسة أبداً.
أبحث في صحفنا عن حملة حق الشهيد. فأجد خبراً هنا وخبراً هناك. مع أن التوازن في النشر يجب أن يكون بميزان دقيق. فحملة حق الشهيد ليست أقل أهمية من حرب الفساد التي بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأرجو أن يسير فيها إلي النهاية. فهي تشكل ركن ركين لشرعية حكمه. ولتثبيت مشروعه. ولتحقيق حلمه الذي هو حلمنا جميعاً. أن نبني جميعاً مصر الجديدة التي لا يوجد فيها مكان لفاسد واحد. وإن وجد هذا الفاسد الوحيد. لا بد أن نعتبر أن مسئولية كشفه والإعلان عنه ليست مسئولية الدولة ولا أجهزة الأمن. ولكنها مسئولية كل مصري علي أرض مصر الآن.
حملت الأخبار القليلة لحد الندرة عن عملية حق الشهيد التي تعتبر العملية الكبري. وهدفها قبل الانتقام من القتلة وأخذ ثأر الشهداء يبقي الهدف الجوهري تطهير شمال سيناء من الإرهابيين. مع وضعهم تحت الأعين ليلاً ونهاراً. لأنه من الوارد عندما تشتد حملة سيناء أن يحولوا الهروب إلي أماكن أخري من بر مصر. ولعل العملية الأخيرة التي تمت في سيوة دليل علي أن أعينهم تذهب إلي كل شبر من هذه البلاد. ويجب أن نقطع دابرهم ليس في سيناء وحدها. ولكن في كل مكان من مصر.
عناصر من الجيشين الثاني والثالث الميدانيين شاركتهما قوات من الصاعقة وقوات التدخل السريع والقوات الخاصة. كل هذه الأسلحة من جيش مصر تشاركت من أجل القيام بعملية كبري لتطهير سيناء من الإرهابيين والمتطرفين.
من الطبيعي أن تكون مناطق رفح والشيخ زويد والقري المحيطة بهما. وحتي الصحاري التي تدور حولها علي الرغم من خلوها من البشر والزرع والمباني. لا بد أن تكون هدفاً من التطهير. أيضاً إن التجمعات السكنية المحيطة بالمنطقة لا بد أن يتم تطهيرها. فمن المحتمل أن يحاول المتطرفون الاحتماء بالسكان. وربما إعطاء الانطباع في الخارج أنهم يشكلون دروعاً لحمايتهم. وهذا غير صحيح بالمرة.
العريش جزء من هذه الحملة بعد أن تعرضت لعمليات كثيرة من قبل المتطرفين والإرهابيين. ولدينا شهداء وجرحي أعدادهم ليست قليلة. قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن وعن تراب الوطن في مواجهة العدوان والبغي.
لا بد أن نترك «العيش لخبازينه» وألا يتحول كل واحد منا لمحلل استراتيجي يفتي ويتحدث في كل القضايا وكأنه جاء للدنيا وهو يعرف ما يدور فيها من أمور. يكفينا حبنا للوطن ووقوفنا وراء أبطالنا. وإدراكنا لأهمية ما يقومون به. وأمنياتنا وأحلامنا أن تكلل الحملة بالنصر. ولديَّ ثقة أن النصر سيكون من نصيب أهل مصر. لأننا لم نعتد علي أحد ونحن ندافع عن بلادنا دفاعاً شرعياً.
هل أقول أنني سعدت بأن أول ما قام به الرئيس السيسي بعد العودة من جولته الأسيوية أن زار الكلية الحربية. وقضي وقتاً مع الطلاب. ولفت نظرهم لأن حرب المعلومات هي الحرب الجديدة التي لا بد أن نواجهها؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف