الصباح
كمال الهلباوى
الفساد المعشش
يحتاج الفساد المعشش فى مصر إلى وضع استراتيجية جديدة كاملة لمواجهته. أعرف أن هناك أجهزة تعنى بهذا الفساد ومقاومته، وهى تقوم بمجهودات كبيرة فى أداء واجباتها، وبعضها يتعرض لضغوط شديدة للتغاضى عن بعض أوجه الفساد أو بعض الفاسدين، وقد يُتهم من العاملين فى تلك الأجهزة بأنه إرهابى إخوانى أو تُلفق له التهم، وما أيسر التلفيق مع تقدم التكنولوجيا المستوردة. وأدرك أن الزعيم السيسى يعانى كثيرًا لينهض بمصر، وحقق إيجابيات عديدة ومهمة، وهناك سلبيات تحتاج لجهد كبير لإزالتها، وتحتاج إلى الاستراتيجية الشاملة. وينبغى أن يقف الشعب وراء تلك الاستراتيجية الشاملة حتى يعين فى اكتشاف الفساد، ويتوقف من كان منه مضطرًا إلى الإسهام فيه عن طريق الرشوة، ولو للحصول على حقه أو رفع الظلم عنه وعن أسرته. لا يحتاج اكتشاف الفساد إلى وقت طويل، سواء أكان فى التقصير فى العمل أو فى الرشوة، أو تقديم الأقارب الأغبياء أو الأقل ذكاءً على الأوائل فى الدراسة أو العمل، أو التفرقة بين المطلوب تعيينهم فى وظائف مثل النيابة أو القضاء أو غيرهما من الوظائف المهمة فى الدولة بسبب الظروف الاجتماعية. حتى الفساد الذى نراه فى التعليم ولو بأسماء مختلفة مثل الدروس الخصوصية حتى أصبح طلاب مراحل ثانوية كاملة لايذهبون إلى المدرسة، فالمعلم موظف فى الدولة، ولايشرح المنهج فى الفصل، ولكن يشرحه جيدًا فى المنزل أو السنتر التعليمى. هذه بعض أوجه الفساد، وهناك أوجه أخرى فى الوزارات المختلفة، ومنها وزارتا الاتصالات والتموين وغيرهما من الوزارات والمصالح والإدارات. أقول يحتاج الأمر إلى استراتيجية كاملة، يكون أساسها فضلًا عما هو موجود من الأجهزة، والدستور المطلوب تقنين المواد فيه التى تحتاج إلى تقنين، يحتاج الأمر إلى تفعيل مكتب الشكاوى أو ديوان المظالم لاستلام شكاوى المظلومين لأن كل مظلوم وراءه قصة فساد حتى الذين يعيشون فى المقابر. هناك استيراد لكثير من المواد الغذائية، وهناك من أخذوا الأراضى بالمئات أو آلاف الأفدنة لزراعتها وتوفير الطعام للوطن، فحولوها بشىء من الفساد إلى مساكن، ومنها فلل، ومنها عمارات شاهقة ومدن كاملة، وتضخمت ثرواتهم فى البنوك الخارجية، ولا من يسأل ولا من يجيب ولا من يحاسب. ليس هناك من يقول لأى منهم من أين لك هذا. الأمر يحتاج إلى أنقياء أتقياء لا أغبياء ولا منافقين ولا مجاملين للأهل والأصحاب، ولا يحتاج إلى ثورة ثقافية تعليمية دعوية لإنجاح الاستراتيجية المقترحة إلى جانب الأجهزة المعنية بعد تطوير العمل بها، والاهتمام الجاد بالنتائج التى يتوصلون إليها مهما كان قدر المفسد، ومهما كان موضعه. إن حجم المصالح التى يطالبنى أصحابها بالمساعدة فيها ممن أعرف أو لا أعرف، حجم مخيف، بعض أصحابها يريدون قضاء المصلحة مهما كان الثمن، وبعضهم يسعى لأخذ ما ليس له مثل غيره ممن يعرفهم أو من الجيران، ولكن كثيرًا منهم مظلوم ومقهور ويستحق المساعدة يقينًا، ولكن من يستطيع أن يتحمل عن الدولة واجباتها المرتبطة بالجهات التنفيذية؟. هناك فساد جديد ينتظر الحياة السياسية إن لم نتنبه له من اليوم ونواجهه سياسيًا وقانونيًا حتى لا يحدث صراع جديد فى مجتمع ينتظر الاستقرار الكامل. الذى أعنيه هنا هو سعى رموز الفساد أقصد الحزب الوطنى المنحل، مثل أحمد عز وغيره للبرلمان الجديد، ودعوة بعض تلامذتهم إلى قبول ذلك فى أجهزة الإعلام. نتمنى أن تتخذ الجهات المهنية ومنها القضاء مايلزم لمنع هذا الفساد من العودة للحياة السياسية من جديد حرصًا على مصلحة الوطن العليا. كيف نحل الحزب الوطن الذى سن من القوانين ما يفسد الحياة السياسية ويقيد الحقوق والحريات، كما جاء فى حكم الحل ثم نقبل عودة من أفسدوا مرة أخرى؟ والله الموفق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف