سَرب التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى الفترة الأخيرة، أن هناك خلافات بين أجيالها فيما خص التقيد والالتزام بأفكار وتعليمات المرشد المؤسس - حسن البنا - من حيث إن الجماعة هى جماعة دعوية إصلاحية، تنبذ العنف، والتكفير، والتطرف، والقتل، فالجيل الجديد فى زعمهم قرر عدم الالتزام بهذه المبادئ الأساسية التى أُسست الجماعة من أجلها، وأنهم قرروا مبدأ الثورة العنفية، واتباع مبادئ سيد قطب بكل ما تشمل من ثورية، وعنف، وتكفير، وقتل، وأن الحرس القديم الممثل فى مكتب الإرشاد وأعضاء التنظيم الدولى، على خلاف ذلك بتمسكهم بأنهم جماعة دعوية، إصلاحية، سلمية، ضد التطرف والتكفير والقتل.
ولما كان الكذب والالتفاف على الحقائق، والتكيف مع الظروف بالتقية، هو دين هذه الجماعة وتدينهم منذ النشأة، فإن جذور الإرهاب باسم الدين الإسلامى فى العصر الحديث، تبدأ وتنتهى عند جماعة الإخوان المسلمين، فهذه الجماعة التى أسسها حسن البنا فى مارس 1928 بالإسماعيلية، هو وستة من الأتباع الذين تأثروا بدعوته، ومن ثم انتقل بها إلى القاهرة فى 1932 حتى قُتل فى فبراير 1949 وتوالى على قيادتها كل من حسن الهضيبى، عمر التلمسانى، محمد حامد أبو النصر، مصطفى مشهور، محمد مهدى عاكف، وأخيرًا محمد بديع، تأسست على أفكار مرشدها الأول - حسن البنا - حيث يقول: «هذه الجماعة يجب تأييدها على كل وطنى، وكل متخاذل عنها، قاعد عن نصرتها، فهو مقصر فى أمرالله، ومن يناوئها، أو يناهضها، ويعمل على إخفات صوتها من المسلمين، أو غير المسلمين، فهو مناهض لجماعة المجاهدين، ولا تردد أبدًا فى الحكم بأن مثل هذا الخارج على المجاهدين، مهدر الدم، وأن قاتله مثاب على ما فعله بأعظم مما يثاب به المجاهدون عند الله، «أبعد قول مرشدهم المؤسس.. قول !! فى كونهم جماعة ومنذ التأسيس تدعو لقتل كل من يناهضهم، لا بل كل من لا يؤيدهم، وأن التقصير فى نصرتهم، تقصير فى أوامر الله، والأنكى لا يقتصر هذا على المسلمين فقط، بل إلى غير المسلمين، والأمر من ذلك أنه يقول إن قاتل المناهض أو من لا يؤيدهم، مثاب بأعظم الثواب، كثواب المجاهد فى سبيل الله تمامًا، فإذا كانت هذه هى المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الجماعة، فأى شباب يمكن أن ننتظرهم منها، هذا أولًا، أما ثانيًا: فالإجابة عن سؤال بديهى: من أنشأ النظام الخاص السرى للجماعة؟ ألم يكن حسن البنا نفسه، ألم يكن نظام عسكرى سرى، أسسه بنفسه، وقد أوكل قيادته إلى صالح عشماوى، وقام النظام الخاص بعدة عمليات عنفية، من إلقاء القنابل، إلى وضع المتفجرات بأقسام الشرطة، إلى تفجير المحال العامة، إلى قتل القضاة، وقد عمل «البنا» على أن يكون للنظام الخاص ثلاثة محاور مسلحة، الأول ينتمى له المدنيون، بقيادة عبد الرحمن السندى، والثانى داخل الشرطة، بقيادة اللواء صلاح شادى، والثالث داخل الجيش، بقيادة كل من الصاغين محمود لبيب وعبد المنعم عبد الرؤوف.
ويقول البنا فى كتاب «التعاليم» فيما يخص التعاليم الخاصة بكتائب التنظيم السرى المسلح للإخوان: «إن شعار الكتائب هو الطاعة من غير تردد ولا مراجعة، ولا شك، ولا حرج، وتمثل الكتائب الإخوانية رسالة المنهج، وهذه الرسالة خاصة، لا يتصل بها إلا من استعد استعدادًا حقيقيًا لتحمل أعباء وجهاد طويل المدى، كبير التبعات، وأول بوادر هذا الاستعداد كمال الطاعة»، إذًا فالعنف والقتل والطاعة العمياء فى تنفيذ هذه الأوامر، من المبادئ الأساسية، لدينهم الذى وضعه مرشدهم المؤسس - حسن البنا - فاعتنقوه منذ البداية، بداية التأسيس، ألم يقل «صبحى صالح» أحد كوادرهم وهو على سريره بالمستشفى «اللهم أمتنى على دين الإخوان». إذًا جرائم الإخوان حلقات متصلة منذ النشأة، فقد بدأت بإلقاء القنابل والمتفجرات على أقسام البوليس بالموسكى، باب الشعرية، الجمالية، مصر القديمة، الأزبكية، السيدة زينب، فى أربعينيات القرن الماضى، كما قام أفراد الجماعة بتفجير القنابل بالمحال العامة، ولما قُبض على بعضهم، وأصدر القاضى أحمد الخازندار حكمه بالحبس عليهم، قتلوه، هذا جزء يسير من تاريخهم القديم، أما جرائمهم من بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة فى 14 أغسطس 2013 فجميع شهودها أحياء. إذا فمن العقل أن نصل إلى نتيجة منطقية تقول: إن هذه الجماعة تأسست على العنف والتطرف والتكفير والقتل والكذب والتقيه، لا فرق فى ذلك بين جيل جديد ولا حرس قديم، لا فرق بين سيد قطب ومحمد بديع وبين حسن البنا، كلهم أبناء فكرة واحدة، لو انتصرت لأحرقت الأرض.