قاربت الحرب الأهلية في سوريا نهاية عامها الرابع بدأت بمظاهرات سلمية تدعو إلي حق الشعب السوري في الحرية والأمن والعدالة الاجتماعية.
وكان رد الفعل من الحكومة السورية منفذاً لدخول فصائل مشبوهة أضافت إلي تطورات الأحداث إرهاباً عنيفاً دفع ملايين المواطنين السوريين إلي ترك مدنهم وقراهم والفرار إلي الأقطار العربية والبلدان المجاورة.
الغريب أن مواقف دول الغرب وضعت علي النيران المشتعلة وقوداً أعلنت ـ في وصاية متعسفة ـ أن رحيل النظام هو الحل الوحيد للأزمة السورية لم تطرح المفاوضات كما حدث في أزمات أخري في المنطقة ودفعت مجلس الأمن إلي إصدار قرارات إدانة وأصدرت عقوبات اقتصادية تضرر من تأثيراتها المواطنون السوريون بأكثر مما تضررت الطبقة الحاكمة.
مشاهد هجرة مئات الألوف من السوريين فضلاً عن أعداد أقل من دول أخري طرح العديد من الأسئلة بداية من التدخلات الأجنبية في الأزمة وتعميق حدتها وحتي نزوح المواطنين السوريين من كل الأعمار والمستويات الاجتماعية في اتجاه دول الغرب: لماذا أخذت الجامعة العربية موقف الإدانة من النظام السوري. دون أن تسعي إلي حل الأزمة بالوساطة الدبلوماسية؟
لا أبرئ إمارة قطر التي عمقت الصراع بين النظام في سوريا والمواطنين ولا أبرئ الجامعة العربية في انسياقها وراء الموقف القطري الذي ثبت ـ فيما بعد ـ أنه كان يستهدف اختلاق الصراع وتصعيده حتي ينتهي إلي الأوضاع المتردية التي تعيشها سوريا الآن.
لماذا بادرت دول الغرب بإعلان إصرارها علي إسقاط النظام دون أن تسبق ذلك بإجراءات دبلوماسية تضيق من هوة الخلافات وقد تؤدي إلي عودة الأمن والاستقرار؟
ويأتي "الشو" الغربي في استقبال لاجئي سوريا ليلقي علامة استفهام هائلة حول الأسرار التي رافقت التدخل الغربي في المشكلة السورية منذ المظاهرات السلمية حتي حمامات الدم التي أعقبتها وما رافقها من تدمير بنية الوطن السوري بداية من التاريخ والحضارة كما حدث في آثار تدمر وانتهاء بتهجير ملايين المواطنين السوريين بعيداً عن بلدهم.
ألم يكن من الأجدي ـ بدلاً من الاستقبال الرحيم لمواطنين أبرياء أجبروا علي الهجرة من وطنهم ـ أن تجتث المأساة من جذورها باللجوء إلي الوسائل الدبلوماسية التي تسعي إلي الحل ولا تظل صامتة عن تصاعد الفتنة بما سلب القطر السوري كنوزه الحضارية والأثرية والمدنية والبشرية ليحيل سوريا التي نعرفها إلي سوريا التي كانت. لماذا لم تدفع عواصم الغرب المتحاربين إلي الجلوس علي مائدة المفاوضات بدلاً من تدريب مقاتلي المعارضة وتزويدهم بالسلاح؟
الأسئلة كثيرة أثق أن أجوبتها ليست في استعراضات الرحمة التي تشهدها الآن مدن الغرب ولعل الحقيقة تبين بعد عشرات السنين من خلال ما سيتاح نشره من وثائق المخابرات الغربية فنأسي علي ما حدث.. بعد فوات الأوان!