مصادر أكدت أنه لما ذهب «محلب» إلى الرئيس يوم السبت الماضى، عرض عليه مقترحاً بتعديل وزارى، فطلب منه «السيسى» الاستقالة، فلم يملك رداً غير كتابتها. يبدو أن الإرادة السياسية استراحت إلى فكرة أن يتم إخراج مشهد إقالة حكومة «محلب» بطريقة معينة، تستطيع أن تستنتجها بسهولة إذا استرجعت مشهد القبض على «صلاح هلال» وزير الزراعة -المتهم بالفساد- فى الشارع، بعد أن قدم استقالته بدقائق، وبمناسبة الكلام على الزمن، لم يمض على استقالة «محلب» ساعة حتى أعلن عن تكليف المهندس «شريف إسماعيل» وزير البترول السابق بتشكيل الوزارة. من الصعب قراءة تتابع الخطوات فى سياق «التسرع»، فالأرجح أن المسألة كان مخططاً لها، وأن القرار كان جاهزاً بعد أن خضع لما يستحق من بحث ودرس، لكن الكثيرين لم يفهموا -فى المقابل- مغزى أن يتم اختيار وزير البترول لتشكيل الحكومة الجديدة.
بعيداً عن حالة الصخب التى اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى بعد اختيار «إسماعيل»، وما تم تداوله من صور وفيديوهات، أرى أن ثمة سؤالاً يمكن أن يثار حول كون رئيس الحكومة الجديدة وزيراً سابقاً للبترول؟ هل يعنى ذلك أن الحكومة ستهتم خلال الفترة المقبلة بموضوع البترول والغاز، والدفع بهذا المورد الطبيعى كأداة لنمو الاقتصاد المصرى؟ أتصور أن هذا الأمر مهم، لكنه -فى حدود معلوماتى- يحتاج وقتاً طويلاً قبل أن تظهر له آثار على أرض الواقع، إلا أن يكون ما يردده البعض من أن اكتشاف حقل الغاز الطبيعى الجديد «شروق» عجل ودعم قرار اختيار «إسماعيل» كرئيس للوزراء صحيح، لكن المحير فى الأمر أن الذى تولى هذا الكشف وأعلن عنه، وما زال يزودنا بالمعلومات عن مخزونه وعوائده على الاقتصاد المصرى شركة أجنبية. وإذا كان أول تصريح جاء على لسان رئيس الوزراء المكلف أن إنجاز الانتخابات يتصدر جدول أولوياته، وإنجاز الانتخابات هم سياسى فى المقام الأول، فما حدود خبرة وزير البترول فى إتمام هكذا ملف؟
سؤال ثان يستحق الطرح يتعلق بالرؤية، فبغض النظر عن الرؤية التى حكمت اختيار شريف إسماعيل، فما ملامح الرؤية التى ستحكم عمل حكومته خلال الفترة المقبلة؟. الإجابة عن هذا السؤال ضرورية لطمأنة الرأى العام، لأن حكومة «محلب» كان يعوزها الرؤية. والمسألة ليست فى تغيير وزير أو رئيس حكومة، كما أكد الكثير من المواطنين الذين علقوا على خروج حكومة «محلب» ودخول حكومة «إسماعيل»، فالأهم من تغيير الوجوه تغيير الرؤية التى تحكم عمل الحكومة والسياسات التى تستند إليها حتى يشعر المواطن بأن تغييراً قد حدث، لذلك أجد أن من المهم أن يشتمل خطاب تكليف الحكومة الجديدة على تحديد واضح للأهداف والمهام التى يجب أن تنهض بها.
أما السؤال الثالث، فيتعلق بتلك المادة فى الدستور التى تنص على ضرورة أن يقدم رئيس الحكومة والوزراء الذين سيخرجون من التشكيل إقرار ذمة مالية، والسؤال: هل سيتم تفعيل هذه المادة، أم سيتم تجاوزها كما حدث حين تولى «محلب» تشكيل الحكومة، إذ تنص هذه المادة نفسها على أن تقدم الحكومة الجديدة إقرارات الذمة المالية لأعضائها، وما الوضع بالنسبة لحكومة «إسماعيل» الجديدة؟!.