نشوى الحوفى
توصيف الوظيفة .. مواصفات المسئول
أعلم طبيعة عمل تلك الوزارة التى يجرى العمل على تشكيلها، إذ عليها تسيير الأعمال فى الفترة المقبلة وإدارة الانتخابات البرلمانية فى الشهرين المقبلين لاختيار أعضاء مجلس الشعب المنوط بهم، مع الرئيس، تشكيل الحكومة الجديدة. وأدرك أن قرار الرئيس باستبعاد حكومة محلب فى تلك الفترة الزمنية الحرجة لا بد أنه يحمل معه مبررات أجبرته على فعل ذلك فى هذا التوقيت القصير. ولكن هذا لا يمنع أننا بحاجة إلى التأكيد مرة أخرى على أمور تتعلق باختيار المسئول فى أى موقع من مواقع المسئولية فى بلادى.
دعونا نتفق فى البداية على أننا بحاجة إلى نوعية مميزة من الإداريين القادرين على تحقيق الهدف بالإمكانيات المتاحة وفى الوقت المحدد مع استغلال أمثل للطاقات الموجودة فى كل وزارة. وهذا لا يتطلب وزراء ملمين بالتفاصيل الخاصة بكل وزارة فقط، ولكنه يتطلب أيضاً، وفى المقام الأول، شخصيات تمتلك قدرات إدارية عالية لا يوجد فى قواميس لغتها مكان لعبارات من نوعية «الظروف حكمت» أو «الإمكانيات لم تسمح» أو «الميراث فى الوزارة ثقيل» وغيرها من العبارات التى لم يعد فى الإمكان قبولها. أضف إلى كل ما سبق حاجتنا الماسة لمسئولين يدركون معنى عملهم فى حكومة حرب. بمعنى أننا نعمل فى ظروف استثنائية تخوض فيها البلاد حرباً على نطاق واسع ضد فساد وإرهاب وضغوط خارجية لا حصر لها. وبالتالى فإن السيد المسئول عليه أن يعلم أن عليه اتخاذ القرارات الصحيحة فى التوقيت المناسب لها مع التسويق لها عبر آلة الإعلام بدقه لحصد فهم وتأييد أكبر نسبة ممكنة فى الشارع المصرى للدولة. ليس هذا فقط ما على المسئول إدراكه وحسب، ولكن عليه الإيمان بأن مقعد الوزارة لن يدوم مهما طالت أيام جلوسه عليه، وأن ما سيدوم ويتركه وراءه للنهاية هو حجم إنجازه إن أخلص عمله لله وللوطن.
تلك مواصفات المسئول الذى نحتاجه إذاً انطلاقاً من كل تجارب العالم. ولكن ينقص هذا الحديث ركن أساسى آخر لن يكتمل نجاح المنظومة إلا به، ألا وهو نوع المهمة المنوط به القيام بها، أو بمعنى آخر توصيف الوظيفة وفقاً لتعبيرات الإدارة. فأى مسئول لن ينجح فى مهمته إلا إذا حددنا له ما عليه القيام به أثناء توليه المسئولية والتوقيت اللازم لإنجاز المهمة. ليس لتسهيل متابعة أدائه فى تنفيذ ما كُلف به وحسب، بل لامتلاك القدرة على تقييم أدائه ومعرفة نجاحه من فشله.
أعلم حجم المسئولية فى قطاعات مصر كلها، وأعلم حجم الضغوط التى نتعرض لها، بل أدرك صعوبة الاختيار فى ظل تراجع سمات الشخصية المصرية فى سنوات مضت طالنا فيها المسخ وطغت فيها الأنا العليا على ملامح سلوكنا. ولكننى أعلم أن الوقت ليس فى صالحنا وأن علينا الإسراع فى هزيمته بقدر الإمكان لعبور تلك المرحلة الحرجة التى تطالنا فيها الضغوط فى الداخل والخارج.
بقى أمر أخير علىّ الإشارة له علّه يفيد. إذا كان أمامنا فترة شهرين على الأقل لاختيار الحكومة الجديدة، فلماذا لا يتم ترشيح عشرة آلاف، لا بل ألف فقط، من الكفاءات المميزة فى كل مجالات العمل فى مصر، ومنحهم دورة مكثفة فى تلك الفترة فى فنون الإدارة ومواجهة الأزمات على يد نخبة من كفاءات الإدارة البشرية فى العالم. ثم تصفية نصف هذا العدد فى نهاية الفترة المحددة لتلك الدورة ومنحهم دورة أكثر تكثيفاً وتخصصاً فى الإدارة السياسية ليسهل من بعدها اختيار الوزراء والمسئولين منهم. نحتاج لكفاءات ينطبق عليها مواصفات المسئول.. القوى الأمين والحفيظ العليم.