كانت فكرة عبقرية أن يبدأ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين زيارته لمصر بحضور الحفل الفنى بدار الأوبرا مساء الاثنين الماضى (9/2)..
لماذا؟ لأنه بالرغم من تنوع العلاقات المصرية الروسية وقبلها السوفيتية- فى المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية... إلخ إلا أن أهم ما يميزها هو البعد الثقافى المتشعب والعميق لها. وإذا قارنت مثلا- من هذه الناحية - علاقات مصر بروسيا، مع علاقتها بالولايات المتحدة، فإن المحصلة سوف تكون ساحقة لصالح روسيا، لماذا؟ لأن روسيا «دولة- قومية» عريقة، ذات تراث ثقافى و فنى هائل، على العكس تماما من الولايات المتحدة التى هى أمة «مصنعة» من المهاجرين من جميع بقاع الأرض. فى هذا السياق فإن الحفل كان - فى الجانب الأكبر منه - تقديما للفن الروسى بأداء مصرى وبأيد مصرية على نحو رائع ومشرف. بدأ الحفل بمقطوعة أو«فانفار» من سيمفونية للموسيقار الروسى الأشهر «رخمانينوف» (ويسميه العرب رحمانينوف) والذى يعتبر من أعظم عازفى البيانو فى تاريخ الموسيقى، تلتها قطعة للموسيقار شوستاكوفيتش الذى عكس فى موسيقاه الروح الوطنية الروسية، وتحدى النظام الشيوعى. ثم عزفت مقطوعتى «كانتاتا» من أعمال موسيقار ثالث هو بروكوفيف، ثم كانت الفقرة الرابعة، والرائعة للغاية جزءا من الباليه الأشهر «بحيرة البجع» لتشايكوفسكى.بعد ذلك أتى فاصل من الفن المصرى بداية بمقطوعة «مصر الجديدة» للمايسترو والمؤلف المصرى المتميز محمد سعد باشا، تلته مجموعة من الرقصات من التراث المصرى والشرقى، ثم فيلم وثائقى قصير عن العلاقات المصرية الروسية. ثم كانت العودة للفن الروسى بجزء من رائعة كورساكوف الخالدة «شهر زاد» التى يألفها جيل العواجيز أمثالى من الذين أدمنوا سماع حلقات «ألف ليلة وليلة» قبل أن يكتشفوا كورساكوف نفسه! وأخيرا، وبالرغم من أن أوبرا عايدة ليست لها علاقة مباشرة بالروس، إلا أن مكانتها المميزة فى التاريخ الأوبرالى المصرى جعل من مشهدها الذى قدم، ختاما موفقا لأمسية فنية راقية يستحق كل من شاركوا فيها كل التحية و التقدير، وعلى رأسهم الرائعة دوما د. إيناس عبد الدايم!