المساء
محمد جبريل
القراءة.. وقبلة الحياة
الأرقام أوردها مركز بصيرة. ضمن إحصائياته التي تجد في الأرقام تعبيراً عن أحوال مجتمعنا. تقول إن 78% هي نسبة المصريين الذين لم يقرءوا أي كتاب ثقافي خلال العام الماضي. من بين الذين يعرفون القراءة. وأن هذه النسبة ترتفع من 74% بين الشباب إلي 81% بين كبار السن. قد تبدو الارقام مفاجأة في ضوء الزيادة النسبية لأعداد الكتب التي تصدرها دور النشر. لكن المفاجأة تغيب في ظل معطيات كثيرة تضع القراءة في مأزق.
يبدو رواج الكتاب أمنية مستحيلة بارتفاع الاسعار. فلا يقوي علي اقتنائه غالبية القراء. واقتصار مطبوعات هيئات وزارة الثقافة علي إصدارات تبعد عن اهتمامات المواطنين العاديين. وتعني بما يكتبه المحاسيب وأفراد الشلة. أو من تختارهم لجان يحتاج أعضاؤها إلي تقويم. قبل ان يجلسوا في موضع المحكم. أو القاضي. والشفافية مطلب مهم في لجان التزويد بهيئات الثقافة. لكن اللجان تخضع- في أحيان كثيرة- لدواعي المجاملة والشللية بصرف النظر عن مستوي الكتاب. وما إذا كان يحمل قيمة تحض علي القراءة. أم أنه ينطوي علي تفاهات تغني عن اقتنائه. بل إني أجد في ظاهرة الكتاب الاكثر رواجاً تطابقاً مع ظاهرة الفيلم الذي يعرض- في وقت واحد- في كل دور العرض. الاختلاف في السعر الفلكي الذي يباع به الكتاب. فيصعب اقتناؤه علي الكثيرين. أول حلول أزمة القراءة. تيسير وصول الكتاب بسعر يحض علي الشراء. كتاب له قيمة علمية أو فنية. تقوي علي اقتنائه الجيوب. وهذه مسئولية هيئات وزارة الثقافة. لعلنا نذكر الكثير من الدوريات المهمة التي انكفت شمسها مثل مسامرات الجيب لعمر عبدالعزيز أمين. وكتب للجميع لفائق الجوهري. وكتابي لحلمي مراد. وغيرها.
إذا أردنا استعادة عادة القراءة قبل ان تغيب من حياتنا. فإن مكتبات المدن الاقليمية والاحياء بعد مهم يجب ان نعني به لجعل القراءة قيمة مهمة في حياتنا. بالاضافة طبعاً إلي مكتبات الجامعات والمدارس والمساجد والزوايا والاندية. وحتي المقاهي التي تستطيع أن تؤدي دورا في تنمية عادة القراءة. أذكر أني أفدت- شخصياً - من مكتبة البلدية بالاسكندرية. ومكتبة المنيرة بالقاهرة. ثم تحولت تلك المكتبة- بلا مبرر موضوعي- إلي بناية سكنية. الامر نفسه في مكتبة منشية البكري. ومكتبات اخري. ولعل مكتبات الدكاكين في أحياء القاهرة مثلت تعويضاً عن اختفاء مكتبات الاحياء. فكتبها معروضة أمام القارئ يستعير ما يريده لقاء أجر.. ثم حلت بدلاً من تلك المكتبات أنشطة أخري. تتيح الربح لاصحابها!!
القراءة عادة في وسائل المواصلات بمدن العالم. يسحب الراكب كتاباً بحجم الجيب. يقرأه قبل محطة الوصول. ويضعه داخل سلة الكتب التي انتهت قراءتها. وقد طالعتنا- في العقود الاخيرة- محاولات غير تقليدية لتنمية الوعي بالقراءة. مثل تاكسي القراءة الذي يضم مكتبة صغيرة. يفيد منها الراكب حتي نهاية مشواره. والمقاهي التي أتاحت لروادها مكتبات تضيف إلي حصيلتهم المعرفية.
اقترحت- من قبل- تنظيم مؤتمر لدراسة مشكلات الكتاب. أهمها ارتفاع تكاليف الطباعة وسعر البيع. بما يصرف الكثيرين. حتي المقتدرين مادياً عن اقتناء الكتب.. هذا المؤتمر ضرورة إن أردنا إعطاء عادة القراءة قبلة الحياة. قبل ان تتحول إلي ذكري أو ننساها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف