أفضل تكريم حصل عليه المهندس ابراهيم محلب، هو حب الناس، فالرجل كان متواضعا للغاية، يسير فى الشوارع دون حراسة ولا يفضل المواكب الرسمية، واخيرا خلال زيارة ميدانية للدقهلية فاجأ من حوله بإيقاف سيارة فى الشارع وعاتب المحافظ وأمر بعودة طابور السيارات المرافقة من حراسات ومرور وغيرها.
عرفت المهندس ابراهيم محلب وهو يترأس شركة المقاولون العرب ودخوله الحكومة لأول مرة وزيرا للاسكان حتى أصبح رئيسا للوزراء، لم يغيره المنصب، كان يتواصل مع الجميع، وفى مرات عديدة والتى كنا نتحدث تليفونيا تكون فى ساعات متأخرة من الليل بين الواحدة والثانية صباحا، يكون فى طريقه لمنزله بعد أن قضى طوال اليوم من السابعة صباحا بين مجلس الوزراء أو مقابلات مع الضيوف الأجانب، ولكن أفضل عمل يحبه إبراهيم محلب النزول إلى الشارع، ويجد متعته فى السير وسط الناس أو سماع شكاياهم وحلها على الطبيعة، فى أحد الأيام عرضت تقريرا عن مشكلات مواطنين بالجيزة كانوا يعيشون منذ 40 عاما تحت الأرض وحالتهم مزرية للغاية وظروفهم الصحية توقظ الحجر، وأصبت بحالة هيستيرية على الهواء، وفجأة وجدت وزير الاسكان مصطفى مدبولى يدخل معى تليفونيا ومعه محافظ الجيزة على عبدالرحمن وأكدا أنهما بالمصادفة فى اجتماع مع رئيس الوزراء وطلب منهما التواصل معى وسرعة حل المشكلة.
وفى اليوم التالى كان الأهالى يقيمون فى مساكن تليق بآدميتهم وكرامتهم.
عندما حدث التغيير فى الحكومة السبت الماضى، وجدت ردود أفعال غير متوقعة من المواطنين، الذين عبروا عما بداخلهم نحو رجل ترك منصبه ولم يكن لأحد مصلحة فى تملقه أو مجاملته، وأكتب هنا لأول مرة عن المهندس ابراهيم محلب بعد أن ترك رئاسة الحكومة ومثل هذا النوع من التعبير عما يجيش بداخل الانسان نحو شخصية وطنية مرموقة ومحترمة، لابد أن يسجل ليظل محفوظا تقديرا لمن يعطى للوطن ولايطلب شيئا، وعندما قامت جماعة الاخوان الارهابية بالتآمر ضده، غادر البلاد إلى السعودية وكنت أتحدث معه وهو يعمل فى إحدى الشركات الكبرى ولما ناداه الوطن عقب ثورة 30 يونيو، ترك الراتب الضخم وعاد على أول طائرة ليلبى النداء وسألته وقتها عن العودة بهذه السرعة، فرد قائلا: كلنا نخدم بلدنا وعندما تنادينا نكون ملبين لها، هكذا تعلمنا فى حياتنا ونربى أجيالنا على العمل والاخلاص لبلادهم.
كما عرف الناس شجاعة وإصرار إبراهيم محلب والتفافهم حوله، وزاد هذا التقدير والاعجاب والثناء بعد ترك منصبه، فهو سيظل خادما للوطن كما تعودناه.
وأقول له: حفظك الله ياراجل ياوطنى يامحترم.