الجمهورية
د. أحمد دراج
الحرب الضروس علي صناعة الغزل والنسيج "1/2"
في مقال سابق نوهت إلي مسلسل تخريب شركات قطاع الأعمال وخصوصا شركات صناعة الغزل والنسيج في عدة مواقع من أهمها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري. وشركة وبريات سمنود وبورسعيد وغزل شبين الكوم وحلوان وكفرالدوار وغيرها. والمثال الحي للحرب الضروس التي تواجهها جميع وحدات الإنتاج بشركة مصر للغزل والنسيج خلال الفترة من 2002/2003 إلي 2011/20012 بالأرقام كالتالي: انخفض إنتاج الغزل المصدرة بنسبة 62% في تلك السنوات العشر بدلا من زيادتها عدة أضعاف. حيث انخفض إنتاج غزل الصوف بنسبة 91% كما انفخض إنتاج الأقمشة القطنية الخام بنسبة 99% فهل هذا يرضي ضمير مسئول أو مواطن عاقل؟ وإذا تصورنا أن القائمين علي شئون تلك الشركات من أعداء الوطن هل كانوا يستطيعون التخريب أكثر من ذلك؟ والمرء يتساءل عن الدور الذي يقوم به السادة أعضاء مجالس الشركات القابضة للغزل والنسيج والعضو المنتدب.. ما هو مهمتهم الحقيقية بلا لف ولا دوران؟ وهل عينوا في هذه المناصب لزيادة الإنتاج ودعم الصناعة الوطنية أو لاغتيالها ودفنها في مقابل الصدقات؟ وإذا كانت هذه هي وصايا صندوق النقد والبنك الدوليين وتحت رعاية قوي الرأسمالية العالمية فملعونة وصاياهم. وملعونة كل من يدور في فلك سياساتهم ويعمل خادما ذليلا في بلاطهم ووفق أجندتهم.
إننا بهذا ندق ناقوس الخطر لاستمرار الأوضاع السابقة وتعرض الشركات العملاقة وقطاع الغزل والنسيج بأكمله ومنذ عدة سنوات لما يشبه الحروب التي شنها البيض علي الهنود الحمر في الولايات المتحدة ونعرب عن رفض الشعب المصري كله لتصفية الصناعة الوطينة وتسريح العمالة الفنية ولا نري سوي طريق واحد لانقاذها وهو حسن اختيار ادراتتها والقائمين عليها مع توفير الدعم الكامل لها.
لقد أثبتت دراسة حديثة أعدها الدكتور محمود عبدالفضيل لمركز معلومات مجلس الوزراء أن قطاع الغزل والنسيج يعاني من تعطيل طاقته بنسبة تزيد عن 55% نتيجة ارتباط الإنتاج بالسوق وتقادم الآلات وتسريح العمالة. ومازالت الخطورة التي تحيط بهذا القطاع قائمة قبل وبعد زيارة السيد رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب للشركة في مارس الماضي وتصريحاته التي لم تقو علي مواجهة الحقيقية وبالتالي لم تغير شيئا من المرارة في حقوق العاملين بالشركة وأسرهم. بالاصرار علي استمرار مجالس الإدارة التي فشلت من قبل في انقاذ قطاع الغزل والنسيج والشركات الكباري من الانهيار. لأنه من المستحيل أن تتحول تلك القيادات بين ليلة وضحاها إلي قيادات وكفاءات ناجحة.
إن جميع خبراء صناعة النسيج والجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء أكدوا في مضمون تقاريرهم أن تخريب شركات قطاع الأعمال مستمر علي قدم وساق. فالشركة القابضة للغزل والنسيج التي تضم 32 شركة تابعة حققت خسائر وفقا للحساب الختامي في العام المالي 2012/2013 يقدر بحوالي 5302 مليون جنيه رغم أن الشركة تملك أصولا ثابتة تقدر قيمتها الحقيقية بمليارات الجنيهات كأراضي ومباني ولديها حسابات مدينة لدي شركات قابضة تابعة وشقيقة تزيد علي 17.7 مليار جنيه وقد تغاضت الحكومات المتعاقبة عن سداد مستحقات هذا القطاع وعن وضع خطة للإحلال والتجديد وتقدير تكلفتها وأساليب تمويلها بهدف استمرار مسلسل خسارة الشركات لدفها نحو التصفية والبيع بتراب الفلوس.
إذن الوزارة المنوط بها تشجيع الاستثمار في الشركات القابضة تعمل بكل جد منذ بضعة عقود علي نشر سوس الفساد في قطاع الاعمال وترعي استراتيجية تجريف صناعة الغزل والنسيج بالاعتماد علي أربعة عوامل رئيسية هي في تقديرنا الأول: تصفية قوي الإنتاج بالتدريج علي مراحل. والثاني: وقف تحديث الآلات والمعدات. والثالث: وقف تسويق المنتجات ومراكمتها في المخازن بملايين الجنيهات. الرابع: دفع الشركات للاقتراض من البنوك بفوائد عالية. وهذا يستوجب طرح الأسئلة التالية: كيف تم تجفيف وتصفية مصادر القوي العاملة؟ وكيف أوقف المسئولون تحديث الماكينات والآلات؟ وكيف تحكمت الشركات القابضة في سياسات التسعير لوقف حال منتجات القطاع وتحويلها إلي بضاعة راكدة لعشرات السنين وفتح الأسواق أمام شركات القطاع الخاص المنافسة؟ الإجابة عن هذه الاسئلة وغيرها نستكمله في المقال القادم بإذن الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف