الوفد
علاء عريبى
رؤى .. القانون وإغلاق الصحف
مشكلة إغلاق جريدة التحرير فجرت قضية على قدر كبير من الأهمية والخطورة، وهى حماية حقوق الصحفيين والعاملين عند تصفية صحيفة أو إغلاقها بشكل مفاجئ، للأسف الشديد لم ينتبه من وضعوا قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996، إلى هذه المشكلة، ربما لأن معظم الصحف كانت تمتلكها الدولة، وربما لأنهم لم يهتموا أساسا بحقوق الصحفيين والعاملين.
والمؤسف فى الأمر أن مجموعة الفصيل الواحد التى أعدت مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام لم تلتفت ولم تنتبه ولم تفكر فى حقوق الصحفيين، وأطرف ما تجده فى مشروع القانون الأشبه بقوانين الاتحاد الاشتراكى، أن جماعة الفصيل الواحد خصت قضية إغلاق وتصفية الصحف وتشريد العاملين وأسرهم بجملة واحدة، وهى تخصيص 150 ألف جنيه لتسديد ديون الجريدة وصرف مستحقات العاملين والغريب أنها لم تحدد فى المواد الجهة(النقابة أو المجلس الأعلى) التى تتصدى لمن يغلقون الجريدة، كما أنهم لم يفرضوا عقوبات على المالك، أو حتى وضعوا ضمانات عند التأسيس لحقوق العاملين، وهو شأن جميع الشركات والمصانع الاستثمارية فى مصر.
فى المادة 59 من المشروع، تم السماح للأشخاص الطبيعية والاعتبارية إصدار الصحف، واشترطت المادة تأسيس شركة برأسمال 3 ملايين جنيه للصحيفة اليومية، ومليون جنيه للأسبوعية، و500 ألف جنيه للشهرية، وقد تضمنت نهاية المادة فقرة تتحدث عن ضمانة لا تذكر، وهى مبلغ يتراوح بين 50 و150 ألف جنيه حسب نوعية الإصدار: «وذلك لسداد حقوق الدائنين فى حالة توقف الصحيفة عن الصدور، وفى هذه الحالة تكون الأولوية لسداد حقوق العاملين عن غيرها».
لك أن تتخيل الوضع فى جريدة يومية عندما يعلن مالكها خلال نهار عمل إغلاقها، تتصل بالنقابة، تفر فى مواد قانون الصحافة، وتفاجأ بأن كل الحكاية 150 ألف جنيه يسدد منها المالك ديون الجريدة ويصرف للعاملين حقوقهم، يعنى من الآخر القانون مكن المالك من الصحفيين، ومنحه حرية تشريدهم فى أى لحظة دون أية ضمانات أو عقوبات.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن القارئ لمشروع القانون وللمادة 59 على وجه التحديد يفاجأ أن اللجنة التى وضعت مشروع القانون سهلت وتساهلت بشكل كبير فى إنشاء الصحف، لدرجة جعلت من هذه الصحف مجرد سبوبة تصدر لفترة يحقق خلالها المالك أو الملاك مصالحهم وأجندتهم ثم يغلقون الجريدة ويلقون بالصحفيين والعاملين إلى عرض الطريق، بعد ذلك يلجأ الصحفيون إلى النقابة لكى ترعاهم وتبحث لهم عن فرصة عمل فى صحيفة أخرى، وحتى يتحقق ذلك يعيش الصحفى وأسرته مبلغ بدل التكنولوجيا، وهو عبء لا يمكن تحقيقه بسهولة، تماما مثل الزواج العرفى أو زواج المصرية بأجنبي، يستمتع الزوج العربى لفترة وعندما يكتفى أو يمل يمزق الورقة العرفى الوحيدة، أو يطلق الفتاة المصرية، وتعود إلى القاهرة تحمل أطفالها، وتلجأ لمحامٍ يفتش فى القانون عن مواد تمكنها من اعتراف الرجل بأولاده، ومواد تجبره على تسديد نفقه شهرية، ومقر كسكن لمطلقته الحاضنه، وتمر الشهور والسنوات، وتكتشف الفتاة أنها تجرى خلف السراب.
ولكى لا تتكرر تجربة جريدة التحرير المريرة نقترح التالي: أولا: إيداع مبلغ فى البنك كوديعة تكفى أرباحها نفقات الإصدار اليومى أو الاسبوعى أو الشهري، تشمل: المرتبات، الطباعة، التأمينات، مشروع العلاج، صندوق الزمالة، العلاوات، المكافآت، الخدمات: السيارات، التليفونات، الكهرباء، المياه، الأوراق، الأحبار، ما يلزم القسم الفني، وغيرها من المستلزمات اليومية
ثانيا: تقدر الوديعة فى اليومى بـ 200 مليون جنيه، تكفى أرباحها السنوية نفقات إصدار يومي، و150 مليوناً لإصدار أسبوعي، و100 مليون للإصدار الشهري.
ثالثا: عدم قبول من يعملون بالجريدة فى عضوية النقابة سوى بعد سنتين من الصدور المنتظم كشرط الجدية والاستمرارية.
ثالثا: اشتراط عدم التوسع فى المصروفات بما يفوق قيمة أرباح الوديعة، وزيادة قيمة الوديعة بما يتوافق وقيمة التوسعات المطلوبة.
رابعا: توزع الأرباح إن وجدت كالتالي، الثلث لزيادة الوديعة، والثلث للملاك، والثلث للعاملين كأرباح سنوية.
خامسا: فى حالة تفكير المالك أو الملاك أو الورثة فى إغلاق الجريدة، يتم التالي:
ــ تقسيم الوديعة بين الملاك والعاملين مناصفة
ــ أو السماح للعاملين بشراء نصيب الملاك
ــ أو إدخال ملاك جدد مقابل تسديد نصف قيمة الوديعة للمنسحبين أو المؤسسين.
نعتقد أن هذه الخطوات تغلق الباب أمام صحف السبوبة، تعمل على استمرارية الصحف عند انسحاب أحد الملاك أو بعد وفاته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف