الوطن
حافظ أبو سعدة
برلمان جديد وصفحة جديدة
مصر على أعتاب برلمان جديد، هذه حقيقة أكدتها قرارات اللجنة العليا للانتخاب بفتح باب الترشح للانتخابات، والذى انتهى أثناء كتابة هذا المقال بإعلان الكشوف الأولية للمرشحين مع فتح باب الطعون، ولمدة ثلاثة أيام، رغم وجود دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى من يطعن على قرار إعادة الكشف الطبى، ومن يطعن طالباً مد فترة تلقى الترشيحات للقوائم بشكل خاص ومن يطالب بتأجيل الانتخابات، طالما أن الحق فى الطعن قائم ستظل هذه الدعاوى أمام القضاء الإدارى، ولا أتصور وقف أو تأجيل العملية الانتخابية بناء على مثل هذه الادعاءات.

البرلمان فى الحقيقة هو المؤسسة التشريعية التى طال غيابها حتى وفقاً للتوقيتات التى نص عليها الدستور، فالكل يعرف أن الحكم بعدم دستورية قوانين كان كانت هى السبب فى تأجيل هذا الاستحقاق، الغريب أن البعض الذى لا يريد أن تكتمل خارطة الطريق بالاستحقاق الثالث بدأ من الآن التشكيك فى البرلمان، مرة أن الغلبة ستكون للحزب الوطنى أو مرشحيه الذين تقدموا للترشح كمستقلين، وهو قول جانبه الصواب، ذلك أن الشعب المصرى يدرك خطورة بعض الرموز السياسية الذين تبوأوا المناصب فى الحزب الوطنى، والفساد كان صنيعة أيديهم والمال الحرام الذى حصلوا عليه بحكم مناصبهم، قد يكون لديهم بعض الشهرة، لكن لا تزال أيديهم ملوثة بالمال العام الذى تم نهبه وسرقته، وأعتقد أن مهمة لجان الوعى الانتخابى فى الدوائر مهمتها هى فضح هؤلاء حتى لا يتمتعوا بأى مشروعية.

هؤلاء الذين أسقطهم الشعب المصرى فى ٢٥ يناير، والذى اعترف أحمد عز فى برنامج خالد صلاح بأنه زور الانتخابات البرلمانية فى ٢٠١٠، وأنه يعتذر. فى الحقيقة الاعتذار ليس كافياً، لكن أيضاً الابتعاد عن البيئة السياسية هو العقاب اللازم، فإذا لم ينتحوا جانباً فعلى الشعب أن يقوم بإبعادهم عبر صناديق الانتخاب، وهذا ما نتوقعه بالتأكيد.

الدولة الجديدة التى تشكلت بعد ٣٠ يونيو مهمتها الرئيسية هى الحرب الشاملة على الفساد، وأهم نقطة للبداية هى ضرب الفساد السياسى فى مقتل ورموز هذا الفساد الذين أثروا بلا سبب وتراكمت لديهم أموال الدولة المصرية بنفوذهم وعبر مواقعهم السياسية، وهى عملية يجب أن يكون الفرز فيها بين رجال الأعمال العصاميين الذين عملوا بجد وبعرق لبناء مؤسسات اقتصادية دون الاعتماد على الفساد والمفسدين، وبين هؤلاء الذين استغلوا مناصبهم السياسية فى الاستحواذ على شركات القطاع العام أو أراضى الدولة بأبخس الأثمان.

لذلك فإن أولويات البرلمان المقبل هى التشريعات التى تعزز دور المؤسسات الرقابية وإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد ولتعزيز الشفافية، كذلك الدور الرقابى للبرلمان عبر أدوات الرقابة البرلمانية: الاستجواب، طلب الإحاطة، السؤال، لكشف الحقائق ومحاسبة المسئولة أولاً بأول قبل أن تتراكم جرائم الفساد.

أهم أدوات الحرب على الفساد هو منع الفاسدين أصحاب السوابق من العودة مرة أخرى للبرلمان أو مؤسسات الدولة أو الحكومة، هنا يأتى دور الشعب فى الاختيار، فمحامى أحمد عز يقول اتركوا هذا للشعب للاختيار نعم إذا لم تمنعهم اللجنة العليا للانتخابات ومحكمة القضاء الإدارى لسوء السمعة والتورم فى نظام حكم أسقطه الشعب فلا مناص من أن يعاقبهم الشعب بحرمانهم من الأصوات.

الشعب المصرى عانى لسنوات طوال من الفساد والاستبداد وهيمنة عصابة على المجال السياسى والاقتصادى، ويحتاج إلى أن يسابق الزمن لتحقيق معدلات تنمية تستوعب الأيدى العاملة والطاقات الشابة الخلاقة ومشروعات إنتاجية لصالح البلد، هذه الآمال لها الآن مؤشرات حقيقية، فلا يجب أن تأتى نفس الوجوه الفاسدة لتحبط هذه الآمال فى البناء، نحن فى حاجة إلى برلمان جديد نفتح به صفحة جديدة فى تاريخ مصر، لتعويض ما فات وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف