المساء
السيد العزاوى
تأملات في فريضة الحج "2" فضل الصلاة بمقام إبراهيم
تتوالي الأيام المباركة في شهر ذي الحجة. أنوار تتلألأ في الكون تحيط بعباد الله خاصة الذين أقبلوا علي أداء الركن الخامس من أركان الإسلام تقرباً إلي الله وسعياً لاكتساب الحسنات وما أكثرها في هذه الأوقات.. "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده" ويجدر بنا أن نتأمل طويلاً في شعائر الحج ومناسكه لنتعرف علي مدي إكرام الله لعباده ومدي إقبال البشر علي السعي بكل جهد من أجل رضا رب العالمين ولا شيء سوي ذلك ولعل أبا الأنبياء سيدنا إبراهيم ـ صلي الله عليه وسلم ـ هو أبو البشر جميعاً في الإقدام علي هذا السعي وبذل أقصي الجهد دونما أي عرض أو عرض دنيوي.. رضا الحق سبحانه نصب عيني أبي الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه ولا يغيب لحظة عن خاطره أو تفكيره. طريق إبراهيم ـ صلي الله عليه وسلم ـ مليء بالأشواك والأشواق. الأنوار تنبثق من كل جوانب عمله وسعيه!!
سيدنا إبراهيم ابتلاه ربه بالكثير من الاختبارات فصبر وظل في مسيرته عابداً لله وشاكراً لأنعمه يقول ربُنا: "وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" 124: البقرة. ثم أخذت النعم تتوالي علي أبي الأنبياء" وأول هذه النعم الصلاة في مقام إبراهيم وهو الموقع الذي كان يقف ويعمل به إبراهيم لبناء بيت الله الحرام الذي يقصده البشر من كل الدنيا. الفضائل تنهال علي كل من يسعده الله بالصلاة في هذا المكان الطاهر الذي خصه بآيات كريمات في القرآن الكريم "وإذا جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي" فأي فضل وأي ثناء أفضل من هذا والأكثر فضلاً أن هذا الأمر الإلهي سوف يظل مقترناً باسم إبراهيم بأمر من الله إلي يوم أن تقوم الساعة" فضائل ربنا لا حدود لها. ولذلك فإن الصلاة في هذا المقام ثوابها عظيم وتحمل في ذات الوقت عبرة وعظة لكل من يقصد هذا البيت العتيق وتتمثل هذه العبرة في أن من يتق الله ويصبر ويمضي في طريق الحق ينل التكريم والجزاء الحسن من رب العباد. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
العبرة والعظات في هذا المكان متعددة وعلي الحاج أن يتأمل طويلاً مدي صبر إبراهيم وتحمله المشاق فكان الجزاء من جنس العمل. ثم أوكل الله لإبراهيم وولده إسماعيل القيام بتطهير هذا البيت والقيام علي رعايته ونظافته بكل همة ونشاط لتوفير مناخ آمن من كل أذي ظاهر أو باطن لكي يستطيع قُصَّاد هذا البيت أن يؤدوا المناسك بكل أمان وراحة دون قلق أو اضطراب صحي أو معنوي. وأم الفضائل الكبري أن من دخل هذا البيت كان آمناً ويقول أهل العلم: العبد يكون آمناً علي نفسه من كل شر حتي من عذاب الله سبحانه أرأيتم كيف كان الفضل يتدفق علي أبي الأنبياء ثم يمتد إلي كل من يرعي هذا البيت والفضل الأكبر أن هذا البيت وعبادة ربه الحق سبحانه ويكفيه شرفاً قول الله تعالي: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدي للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" علينا جميعاً أن نمعن النظر طويلاً في تلك الفضائل التي ترتبت علي جلائل الأعمال وقوة الصبر والاحتمال من جانب أبو الأنبياء ـ صلي الله عليه وسلم ـ ليس هذا فحسب فإن التأملات تدفع إلي الآفاق مدي فضائل عبادة رب هذا البيت بإخلاص وصدق عزيمة. ولعل في مقدمة تلك الفضائل نعمتي الأمن وتوفير الطعام "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" وهل هناك نعم أكثر من هذا علي بني الإنسان. علينا أن نظل في هذه التأملات والأهم أن نعتبر وأن ندرك مدي الفضائل علي كل من يقصد هذا البيت العتيق أو يتولي رعايته وإلي لقاء وتأملات أخري بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف