لست أدري لماذا لا ولم يتعلم اي رئيس حكومة في مصر أن يتقبل النقد البناء بصدر رحب , وليس بابتسامة دبلوماسية باهتة امام الكاميرات بينما في داخله بركان من السخط والغضب، بمجرد أن يلمح معاليه شبهة انتقاد لأداء سيادته او أداء احد وزرائه!!
والحقيقة ان اختيار رؤساء حكومات ووزراء يحملون هذا القدر من الثقة بالنفس والقدرة علي الحوار، وتقبل الرأي الآخر باعتبار ان هناك آراء تخالفهم قد تكون اكثر قوة ومنطقية من أرائهم وتفكيرهم، وامتلاك قدرة المصارحة والإعتراف بالخطأ ، وتقبل النقد ،كان سيجنبنا مغبة أن نضطر الي تغيير الوزارة بسبب تفاقم رائحة وزراءها الي حد يزكم الأنوف مثلما حدث ويحدث.
فلا يختلف اثنان في مصر علي كون المهندس إبراهيم محلب نموذجا لرئيس الوزراء النشيط المثابر المتعايش مع المواطن البسيط في كل مناحي الحياة، إلا ان محلب نفسه قد تحول الي ضحية اختياراته الخاطئة لبعض وزرائه الذين خذلوه قبل ان يخذلونا !!
ويقينا لست أدري هل يتوقف دور الجهات الرقابية في مصرعلي تقديم تحرياتها وتقاريرها عن كل الأشخاص المرشحين لشغل الوظائف القيادية في اي مكان فقط ،لينتهي هذا الدور بعد اختيار القيادة العليا لأحد المرشحين ، دون استمرار متابعة هذه الجهات لأداء المرشح الذي تحول بعد اختياره الي مسئول تنعكس قراراته أو سوء إدارته إلي قرارات مصيرية في حياة هذا الشعب !!
فالواقع أننا قد ابتلينا ببعض الوزراء والمسئولين الذين لم يكونوا أبدا علي قدر المسئولية او الكفاءة المتوقعة منهم ، خاصة بعد ثورتين قام بهما الشعب المصري منتفضا لرفض محاولات البعض لتحجيم احلامه وآماله، ووضعنا في قوالب محددة، ويقينا لم يخرج المصريون للشوارع مطالبين بالتغيير ومعلنيين رفضهم للتوريث والفساد وسيطرة رأس المال علي الحكم ليأتي لنا وزراء من عينة وزير الصفر، ولا محافظ القعدة علي قلوب الإسكندرانية بالعافية!! أو محافظ ينسي القمامة المتراكمة في شوارع محافظته ليمارس سلطاته في توجيه نظراته النارية علي طبيب وضع يديه في جيوبه !!
كما اننا لم نقم بثورتين لتكون النتيجة وزراء مازالوا يفكرون بنفس أسلوب الحرس القديم وبمنهج ليس في الإمكان أبدع مما كان ، ولا بوزراء يقرون أن مصر ليست للمصريين . وأننا امام القانون لسنا مواطنين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات ، بل أننا ودون أن ندرك قد تم تصنيفنا الي أسياد وعبيد!!
ويقينا ..لم يكن أي رئيس حكومة تولي الامور في مصر سيخسر شيئا لو انه فقط قد احسن اختيار وزرائه ،وابتعد عن الشللية واختيار الإصدقاء من اهل الثقة وليس اهل الخبرة ،أو انه تعامل مع من يختارهم من الوزراء أسوة بتعامله مع عرسان بنات معاليه , وحرص انه "علي الأصل يدور"، حتي لا يأتي يوم ويضطر لتغييرهم لانهم وزراء علي الريحة.