أحمد السرساوى
الجارديان.. وأسرار فتح ملف أشرف مروان!!
منذ أيام نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً مطولاً عن السياسي المصري الداهية د. أشرف مروان، تحت عنوان «من قتل أعظم جواسيس القرن العشرين؟!».
الغريب أن التقرير خلا من حرف واحد جديد في الموضوع، فهو إعادة «لت وعجن» لكلام قديم سبق نشره علي لسان كاتب إسرائيلي / بريطاني يُدعي أهارون برجمان وكان باحثا بقسم السياسة العامة بكلية كينجز كوليدج وقت وفاة مروان بلندن عام ٢٠٠٧. والأكثر غرابة هو توقيت نشر الموضوع في الصحيفة المعروفة بعدائها الشديد لمصر، خاصة بعد بيع الجريدة لقطر عام ٢٠١٣، وطالما ليست هناك تفاصيل جديدة عن القضية فما الذي يبرر النشر الآن؟!
فنحن في سبتمبر، وهو تاريخ لايعني شيئا محددا في القضية ولا في حياة الرجل.. لا ذكري مولده «فبراير ١٩٤٥»، ولا ذكري وفاته «أكتوبر ٢٠٠٧»، فلماذا قصة مروان بالذات هي التي تخرج من صندوق ذكريات الجارديان، وهناك عشرات بل مئات القصص التي تهم القارئ الانجليزي ويمكن تقديمها له بألف مبرر أو «شماعة خبرية» كما يسميها الصحفيون مما يجعلها قابلة للنشر!!
نعم بالتأكيد.. أشرف مروان شخصية مثيرة للجدل واستثنائية في التاريخ السياسي المصري.. فقد احتفظ بعلاقات وثيقة وغير عادية بثلاثة رؤساء متتاليين في مصر.. كان صهراً للزعيم عبدالناصر، ومحلا لثقة الرئيس السادات، وصديقا لمبارك، فضلا عن صداقته لغالبية الملوك والرؤساء العرب الذين عاصروه، بل وفي الغرب وحتي في إسرائيل!!
كان مروان شخصية شديدة الدهاء لدرجة اقناع أفاعي إسرائيل بأنه يتجسس لهم علي مصر.. «أولاد المجنونة» كيف تصوروا ذلك وهو الذي ذهب اليهم ولم يجندوه هم؟!.
لم يكن هناك مبرر ليقود مروان نفسه إلي الهلاك.. لا المال لأنه كان ابن الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة ، كما كان ذكيا للدرجة التي يدرك بها أن زوج ابنة الزعيم لن يكون «صعلوكا»، وأيضا لم تكن النساء مبرراً ليطلب تجنيده في الموساد فلم يعرف عنه أبدا ولعه بهن أو إنه كان «زئرا» بل كان رجلا عاديا من النوع «التقيل».
وفي رأيي أن من دفع أشرف مروان للموساد و«حبكَ» قصة انخراطه في الجاسوسية، هو نفس «المخطط» الثعلب الذي زرع رأفت الهجان أو رفعت الجمال في قلب تل أبيب، ولو تأملنا الفترة الزمنية التي عمل فيها البطلان الهجان ومروان وطريقة «الحبكة» المخابراتية لأدركنا أنها خرجت من عقل رجل واحد كان يفكر بعمق شديد في القاهرة.
نعود للجارديان التي تتبني نظرية أن مروان كان جاسوسا لدولة الكيان طلبا للمال، وهو تصور أقل ما يوصف به أنه «عبيط» وفي تقديري انها أثارت الموضوع كجزء من الحرب النفسية التي يتم شنها علي مصر الآن، وتمثل قطر إحدي أدواتها لـ «برجلة» شبابنا الذين ظهر التفافهم بقوة حول الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكمحاولة لزعزعة الثقة في أبطالنا ورموزنا، ونحن مقبلون علي ذكري انتصاراتنا في أكتوبر المجيدة، وهو يوم أسود في تاريخ إسرائيل وعلي كل من يُعادي أم الدنيا!!