طبعا وبكل الاهتمام، علينا أن نحمد الله تعالى أن سيناء - رغم الصعاب والتحديات الكبيرة التى مرت بها، ومنها الاحتلال الصهيونى - لاتزال سيناء المصرية ولايزال أهلنا يعيشون فيها ويساعدون فى المحافظة عليها، وهى منطقة جغرافية لها أهمية استراتيجية كبيرة، والأهم من ذلك أهميتها الروحية والمعنوية والدينية العظيمة، فهى بذلك مهمة فى الدنيا والآخرة، هذا فضلا عن أهميتها السياحية والاستثمارية والاقتصادية، عند إحسان استغلال ثرواتها.
أما أهميتها الدينية، فتتمثل فى جبل الطور، الوحيد الذى ذكر فى القرآن عدة مرات، وهناك أيضًا جبل آخر غير معلوم مكانه، تجلى ربنا سبحانه وتعالى له «فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا».
وفى سيناء معظم آثار قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون وبنى إسرائيل. وفيها إلى جانب جبل الطور والجبل الذى جعله ربنا دكا، جبل حمام فرعون، وجبل موسى، وهضبة التيه وجبل المناجاة، والوادى المقدس طوى، وبعض آثار سيدنا يعقوب وسيدنا يوسف عليهما السلام، وفى سيناء توجد الاثنتا عشرة عينا التى تفجرت، «فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ»، عندما ضرب سيدنا موسى الحجر بعصاه، وقد زرت هذا الموقع وهو مهمل تمامًا للأسف الشديد، رغم أهميته العظمى، إذ يمكن أن يكون ذلك المكان العظيم، مصدر سياحة دينية وروحية واسعة، ومصدر دخل عظيم لمصر، إذا تم إحسان استغلاله.
فوجئت ببعض الكلمات العدائية فى بعض البرامج الإعلامية مؤخرًا ضد أهالى سيناء، مما استفزنى، وأعتقد أنه استفز غيرى كذلك من المشاهدين والمحللين والعارفين بأهل سيناء الكرام، كما اتصل بى عدد لا بأس به من أهالى سيناء، يشكون من اتهامهم فى الإعلام رغم معاناتهم الشديدة.
هناك من يتهم أهالى سيناء- هكذا جمعًا وإجمالا - بتهم لا دليل عليها ولا أساس لها من الصحة، وأهالى سيناء منها براء، وهم الذين تحملوا الكثير من المعاناة بسبب الإرهاب ومقتضيات علاجه وهم صابرون، ويقفون صفًا واحدًا وراء الدولة والنظام.
إن أهالى سيناء هم من بين أكثر سكان مصر معاناة من الإرهاب، ومعظمهم إلا المدن الكبيرة كالعريش، ومن على شاكلتها- يعيشون عيشة فيها كفاح، وعنت شديد، نقص فى الموارد وفى الصحة والتعليم وغير ذلك، وليس هذا بعيب، ولكن العيب كل العيب، أن تظل معظم أجزاء منطقة مصرية كبيرة بحجم سيناء فى حاجة إلى تنمية، ولا تجدها فى التعليم والبنية الأساسية وغيرها، وهذا رغم الوعود العديدة على مدى 40 سنة، تلك الوعود التى لا تنفذ، وكل هذا وهم صابرون.
قد يكون هناك- مواطن أو أكثر من أهالى سيناء - ممن لا يعرفون أهمية أمن الوطن والمواطنين معرفة جيدة، فيقعون فى خطر شديد من وراء ذلك، ولكن هذا أيضا نجده بشكل أو آخر فى مناطق أخرى، وأعتقد أن الجهات الأمنية تعرف ذلك جيدًا وتكتشفه فى بداياته قبل أن يستفحل.. وهذا من فضل الله تعالى على مصر والمصريين.
إن المنطقة بحاجة أكيدة إلى تنمية، وربما تستطيع مصر - رغم المكبلات - أن تنمى تلك المنطقة العزيزة ماديا وبشريا، مما يعين بدوره فى حل مشكلة السكان بالقاهرة والمدن الكبيرة، وفى سيناء مناطق صالحة للزراعة ينبغى الاستفادة منها تخفيفًا للأعباء وتقليلاً للاستيراد.
الدراسات والبحوث التى أجريت فى منطقة سيناء، تؤكد وجود ثروات كبيرة ومواد خام عديدة ونادرة، وكل ذلك يحتاج إلى حسن استكشاف وتصنيع، ولعل بدايات الاهتمام بالمنطقة، التى بدأت فى عهد الرئيس السيسى الذى يعرف قدر سيناء جيدًا وأهميتها الاستراتيجية تتعمق فى المستقبل القريب.
والله الموفق.