قد يَصدُق الكذوب ، وقد ينطق العدو والمُبِغض – أحيانا – بكلمة الحق ، وتُنقل عنه ويتداولها أهل الحق ، ونذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم وصف إبليس لعنة الله عليه لما جاء فى صورة رجل يطلب الصدقة أكثر من مرة إلى سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه قائلا : ( صدقك وهو الكذوب )
كما أن وصف كلام الله عز وجل فى القرآن الكريم بأن ( له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ،وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه،وإنه ليحطم ما تحته ) ، هذا الوصف الرائع والمبدع من بنات أفكار أحد أقطاب الشرك فى قريش ممن أنزل الله عز وجل فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة وهو " الوليد بن المغيرة " الذى أشار إليه القرآن فى أكثر من سورة خاصة سورتى " القلم " و" المدثر " .
والزعيم الهولندي اليمينى المتطرف جيرت فيلدرز- الذى بنى شهرته على العداء لكل ما هو إسلامى- وصف موجة اللاجئين السوريين التي تتدفق على أوروبا بأنها (غزو اسلامي لبلاده والقارة الأوروبية ). وقال فيلدرز النائب فى البرلمان ورئيس حزب "الحرية " الذى يتقدم على كل الأحزاب فى استطلاعات الرأي في هولندا إن هذا الغزو ( يهدد رخاءنا ، وأمننا ، وثقافتنا ، وهويتنا)، وإن هناك ( حشودا من الشباب الملتحين في العشرينات من العمر تهتف: ( الله أكبر) في أنحاء أوروبا).
وعلى الرغم من كل المآسى والأحزان والمخاوف والهواجس المحيطة بهجرة السوريين إلى أوروبا ، وما كشفته من زيف الإدعاءات الغربية عن القيم والحضارة وحقوق الإنسان والمرأة والطفل وغيرها من الشعارات الزائفة التى ينخدع بها السذج ، إلا أن تصريحات فيلدرز مليئة بالدلالات والإيحاءات المعبرة عن عظمة الدين الإسلامى وأنه دين سماوى بحق ، لم يتعرض لتحريفات ولا تدخلات البشر، وأنه سيدخل – كما أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم- كل بيت مدر ووبر ،شاء من شاء وأبى من أبى.
فكيف لأناس فقراء ضعفاء مشردين لاجئين بلا مأوى ولا طعام ولا شىء من متاع الدنيا أن تخشاهم أوروبا بكل ترسانتها العسكرية ، وإمكاناتها الاقتصادية ، وحضارتها المادية التى غزت الفضاء ، وثقافتها التى تتباهى بها وتريد أن تفرضها على العالم أجمع ؟إن المنطق والعقل متفقان على أن يخشى الضعيفُ القوى ، ويتطلع الفقيرُ إلى الغنى ، ويرنو من لا حضارة له إلى من يدعى أن حضارته لا مثيل لها .
فما الذى قلب موازين العقل والمنطق والفلسفة وسنن التاريخ ؟ لا شك أن الإجابة تكمن فى نور الإسلام الذى يقاوم كل ظلام مهما كانت قوته وجبروته ،وفى الحق الربانى الذى يهزم كل باطل شيطانى مهما إنتفش الباطل وإنتعش وطال به الزمان . كما لا ننسى أن مثقفى الغرب وقادته ممن قرأ تاريخ الإسلام يعلمون علم اليقين أن كل ما يستطيعون فعله – لوقف الزحف الناعم أوالخشن ، المباشر أو غير المباشر ، المقصود أو غير المقصود- هو تـأخير نجاح الغزو وليس وقفه .