الوفد
عباس الطرابيلى
.. وعادت ريمة لعادتها القديمة
كأنك يا أبوزيد.. ما غزيت! لأن «القماشة» واحدة، والجاكتة هي نفس الجاكتة.. مرة نقلبها.. ومرة نعمل لها ياقة جديدة.. أو نجري لها عملية ترقيع.. أي نرسل بها إلي «الرفا»! أما الإبداع فقد غاب تماماً عن عقليتنا ونحن نشكل كل حكومات مصر، ومنذ عشرات السنين.
يعني ببساطة: عادت ريمة.. لعادتها القديمة.. مرة نعيد تقسيم الوزارات وأخري نعيد توحيدها.. ولكن لا جديد.
<< مثلاً قطاع التعليم: كان وزارة واحدة هي «المعارف» أو حتي التربية والتعليم وكان التعليم في مصر وقتها متقدماً ينافس نظيره في الدول الكبري، وعندما تم تقسيم هذا القطاع إلي: تربية وتعليم. وتعليم عالٍ، ووزارة للبحث العلمي.. لم يتقدم التعليم.. بل تخلف، وانهار تماماً وكانت الثقافة والإرشاد «أي الإعلام» والسياحة وزارة واحدة وتقدم كل ذلك.. فلما تم التقسيم.. انحدر مستوي كل هذا.
وكانت الخارجية والتعاون الدولي والمصريين بالخارج قطاعاً واحداً.. فماذا حدث لهذا القطاع.. بعد الانفصال؟!، وكذلك التجارة والصناعة كانت وزارة واحدة من قبل ثورة يوليو.. وكان معها أحياناً التموين.. وانظروا ماذا حدث.. وحتي الشباب والرياضة كانت قطاعاً من قطاعات وزارة التربية والتعليم.. وبعد «الانفصال» لم يعد عندنا لا تعليم ولا تربية ولا جامعات.. ولا شباب أو رياضة.
<< هنا أعيد إلي الذاكرة أول حكومة أيام الخديو إسماعيل في أغسطس 1878 كان عدد الوزراء- بمن فيهم نوبار باشا- 7 وزارات يديرها 4 وزراء فقط! وحتي آخر حكومة برلمانية (1950- 1952) برئاسة النحاس باشا كان عدد وزرائها 17 وزيراً.. فقط لا غير، إلي أن جاء علينا حين من الدهر قارب عدد الوزراء فيه 40 وزيراً!
ونعود إلي الوزارة الأخيرة التي أقسم وزراؤها اليمين صباح أمس فنجد فيها عدة ملاحظات.. أولاها أن 4 وزارات كانت وراء تأخير أو تأجيل إعلان التشكيل هي: الثقافة، والتربية والتعليم، والتجارة والصناعة.. ثم الاستثمار.. فماذا وجدنا؟ وجدنا عبده مشتاق يدق الأبواب.. ووجدنا أهم قطاع- وهو التعليم- مازال يتخبط، وبدلاً من أن يأتي وزير عملاق يقود السفينة وينقذها من الغرق.. رأينا ما لم نسمع به أو نعلم.. ولعل ذلك يكون خيراً.. وبدلاً من أن نجد وزيراً للتجارة «الخارجية» يسيطر علي لوثة الاستيراد وخلل الميزان التجاري.. وهو في نفس الوقت وزير للصناعة لينقذ ما بقي من صناعات عظيمة، كانت موجودة، ويعيد مد يد الدولة إلي آلاف المصانع التي أغلقت.. نجد ما لا نعلم عنه شيئاً، وزيراً للوزارة، بعد جهود مضنية وجادة ومؤثرة بذلها الوزير السابق منير فخري عبدالنور.. وكنت أري التعليم والتجارة والصناعة هما من أهم قواعد أي نهضة جديدة تنهض بالبلاد.. ولكن- بعد الذي رأيناه في هذين القطاعين.. أقول هيهات.. فمازلنا، نتقدم، ولكن إلي الوراء.. وابحثوا عن الحصان، هل هو الآن أمام العربة.. أم خلفها!
<< وكأن وزارة الهجرة والمصريين بالخارج هي الشماعة، أو هي الجاكتة التي نقلبها مرة، بل مرات، وكأننا نكتشف ان لمصر حوالي 8 ملايين إنسان يعيشون في الخارج.. فهل ياتري تهتم بهم القاهرة الآن، لأنهم مجرد كنز أو خزينة يمكن أن يصبح رافداً طيباً للخزانة المصرية.. المرهقة.
ثم لعبة القط والفأر.. أقصد وزارتي الصحة والسكان ومصيرهما المشترك.. مرة نقرر الفصل بينهما.. وأخري نعيد توحيدهما.. وإذا لم تكن الصحة مرادفة للسكان.. فماذا تفعل وزارة الصحة.. بدون سكان؟! ونفس الوضع مع قطاع الإسكان والمناطق العشوائية.. فإذا فصلنا هذه المناطق عن ميدان عمل الإسكان.. فماذا تكون مهمة الإسكان.
<< الشيء الذي أسعدني- إلي حد كبير- هو تولي الدكتور أحمد زكي بدر وزارة التنمية المحلية.. بسبب واحد ووحيد هو قدرة الوزير الجديد علي تطهير المحليات من هذا الفساد الذي عشش في كل مكان في هذه المحليات من الريف إلي الأحياء.. وآه من فساد المحليات، وهنا لن نشيد باليد الحديدية للوزير الجديد بقدر ما ننتظر أعماله ليس بالبطش بالمفسدين ولا حتي بتفعيل مبدأ من أين لك هذا.. ولكن بإعادة النظر في نظام المحليات نفسه، أي من أساسه.. حتي ولو اقتضي الأمر نسف هذا النظام كله.. والبحث عن بديل.. أقول ذلك وأنا أتوقع أن يتحد كل المفسدين في هذا القطاع الرهيب ولا أعلم أين يكمن فيه «راسبوتين الرهيب» وفي أي محافظة.. ولكن هناك في كل محافظة «راسبوتين رهيب» أخشي أن يتوحدوا للتصدي للوزير الجديد، بالذات إذا قرر محاربة الفساد بينهم.
<< بقيت نقطة.. ما هو متوسط عمر الوزراء- كلهم- وكم فيهم من الشباب تحت الخمسين، أم ان كلهم فوق الستين؟! أما اختصار عدد الوزراء من 36 إلي 34 وزيراً فأقول «طيب كنتم خلوهم 30 وزيراً».
علي كل كنت أتوقع عودة الحياة لوزارة الإعلام لإنقاذ ما بقي من إعلام نظيف في البلاد.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف