الأخبار
عبد القادر شهيب
أنا صاحب ٣٠ يونيو !
لولا خروج ملايين المصريين في يناير ٢٠١١ ما تنحي مبارك، ولولا خروج ملايين المصريين ايضا في يونيو ٢٠١٣ ما تخلصنا من حكم المرشد الذي كان يمثله في القصر الرئاسي محمد مرسي

مثلما اعتقد بعض الشبان أنهم الملاك المصريون لثورة ٢٥ يناير اعتقد أيضا بعض الاعلاميين أنهم دون غيرهم هم أصحاب ثورة ٣٠ يونيو وإذا كان بعض من ينتمون للنخب السياسية قد ساهموا في اقناع هؤلاء الشباب بأنهم نجحوا فيما أخفق فيه غيرهم من خلال المغالاة في نفاقهم، فإن هؤلاء الاعلاميين قد قاموا باقناع أنفسهم بأنهم هم وحدهم أصحاب ٣٠ يونيو وملاكها الحصريون لكثرة ما رددوه حول أنفسهم ودورهم الذي بدونه ما كانت هناك ثورة وما كنا تخلصنا من حكم الإخوان الفاشي المستبد.
ويا ليت الامر اقتصر علي ذلك فقط، أي المباهاة والمفاخرة بأنهم الملاك الحصريون لثورة ٣٠ يونيو، أو حتي معايرتنا بشكل دائم بأنهم هم من خلصونا من حكم الإخوان الفاشي المستبد وأنقذونا من مصير سييء ومظلم.. وإنما الامر تجاوز ذلك الامر بكثير!.
فهؤلاء الذين يتجاهلون دور الشعب سواء في ٢٥ يناير أو في ٣٠ يونيو يطالبوننا بأن نعاملهم معاملة خاصة، أي كملاك للثورة وبالتالي يتعين أن يحصلوا علي حقوق الملكية، أي علي نصيبهم من تورتة السلطة والحكم.. لقد تجاوز هؤلاء مرحلة المطالبة بالتكريم اللائق والخاص لهم والذي يتناسب مع دورهم «كصناع للثورة»، أو كما يقال كأعضاء بارزين في مجلس قيادة الثورة، وانطلق هؤلاء يطالبوننا بحقوق الملكية الآن للثورة، أي بعائد ما يملكونه من حصة أو أسهم في هذه الثورة، وتلك هي مشكلتهم حاليا، وهي مشكلة بالتأكيد لا حل لها وبالتالي سوف تظل مستمرة، وسوف يستمرون في عملية الندب الذي يقوم به الآن هؤلاء.
إن هؤلاء انخرطوا حاليا في عملية ندب مستمرة علي ما آل إليه حالهم.. إنهم يتصورون أنهم يتعرضون للتآمر ومحاولات النيل منهم بل، والتنكيل بهم من قبل من سرقوا منهم ثورتهم، حتي يكفوا عن المطالبة بحقوق ملكية تلك الثورة وحصتهم في عائدها خاصة من تورتة الحكم والسلطة.
لقد تلبس بعض هؤلاء الذين يدعون أو يتخيلون أنهم الملاك الحصريون لثورة ٣٠ يونيو أن كل ما يتعرضون له في حياتهم هو استهداف مقصود ومخطط لهم وتآمر ممنهج ضدهم للنيل منهم واجبارهم علي السكوت وعدم المطالبة بحقوق الملكية في الثورة.
أي نزاع عائلي وراءه ذلك المخطط.. وأي أزمة مالية وراءه تلك المؤامرة.. وأي تعثر انتخابي هو استهداف متعمد.. وأخشي أن يعتبروا مستقبلا أي نزلة برد طارئة أو الاصابة بصداع مفاجيء نوعا من التآمر ضدهم لاسكات أصواتهم والزامهم بيوتهم.. فلن يتوقف هؤلاء المدعون بالملكية الحصرية لثورة ٣٠ يونيو عن الشكوي مثلهم كالمدعين بالملكية الحصرية لثورة ٢٥ يناير الا اذا تم شفاؤهم من ذلك المرض الذي أصابهم.. مرض الاعتقاد بانه ما كانت هناك ثورة في مصر بدونهم أو لولا الدور الذي قاموا به.
وشفاء هؤلاء مرهون بأمر واحد فقط هو ان يستعيد هؤلاء عقولهم التي سلبها منهم إما نفاق واسع مكثف ومفاجئ تعرضوا له بعد تنحي مبارك، أو غرور كبير ومفاجئ ايضا أصابهم بعد الاطاحة بمرسي.. بعدها سوف يدركون انه ليس هناك سوي مالك واحد سواء لثورة ٢٥ يناير أو ٣٠ يونيو وهو هذا الشعب.. فلولا خروج ملايين المصريين في يناير ٢٠١١ ما تنحي مبارك، ولولا خروج ملايين المصريين ايضا في يونيو ٢٠١٣ ما تخلصنا من حكم المرشد الذي كان يمثله في القصر الرئاسي محمد مرسي.
الثورات قد يدعو لها أفراد يمثلون الطليعة، ولكن تصنعها الشعوب وبدون هذه الشعوب لا تقوم ثورات.. تخيلوا لو كان هؤلاء الشبان الذين بادروا بالخروج يوم ٢٥ يناير لم يستجب لهم أحد ووجدوا أنفسهم وحدهم في الشارع.. وذات الامر كان قد حدث أمام دعوات بعض الاعلاميين بالخروج إلي الشارع.. بالتأكيد لانتهي الامر سواء بهؤلاء الشبان أو هؤلاء الاعلاميين إما إلي اليأس أو السجون أو كليهما معا.
غير أن استعادة هؤلاء عقولهم هو احتمال ضئيل خاصة بالنسبة لبعض هؤلاء الذين يدعون ملكيتهم الحصرية لثورتي ٢٥ يناير و ٣٠ يونيو.. لذلك الاغلب ان مصير هؤلاء للاسف الشديد سيكون هو النسيان.. النسيان من قبل الناس الذين تصوروا خطأ أنهم ملكوهم هم أيضا مع الثورة وانهم باشارة منهم أو بكلمة منهم عبر مذياع راديو أو من خلال شاشة فضائية قادرون علي تحريك الملايين من هؤلاء الناس، متجاهلين أن الظروف الموضوعية سواء في يناير ٢٠١١ أو في يونيو ٢٠١٣ كانت مهيأة وجاهزة لخروج ملايين الناس في مصر.
سيطوي النسيان الجميع إلا الشعب.. وهذا ما يجب أن يحسب له كل حساب الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف