فتحى محمود
دمج الأوقاف فى الأزهر ضرورة حتمية
لماذا لا يتم ضم وزارة الأوقاف إلى الأزهر الشريف لتكون لدينا مؤسسة رسمية واحدة تعنى بشئون الدعوة الإسلامية فى مصر؟
سؤال بديهى ومنطقى يتردد كل فترة، لكنه يمثل الآن ضرورة ملحة فى ظل الظروف التى نمر بها ومانحتاجه من اهتمام بشئون الدعوة وتطوير أساليبها لمواجهة الأفكار التكفيرية والمتطرفة التى بدأت فى الانتشار على يد الجماعات الإرهابية.
والإجابة عن هذا السؤال تقتضى أن نعرف كيف نشأت أولا وزارة الأوقاف.
فقد ظل الوقف الإسلامى لسنوات طويلة نظاما متميزا يستطيع من خلاله الشخص أن يوقف ممتلكات وأموال للصرف على أوجه البر وخاصة إعمار المساجد، واستمر ذلك حتى عام 1835 مـ عندما أصدر محمد على باشا أمرًا بإنشاء «ديوان عمومى للأوقاف» لتنظيم عملية إدارة الأوقاف وتحددت اختصاصات ذلك الديوان بموجب لائحة رسمية صدرت عام 1836 مـ، تحت عنوان «لائحة ترتيب عملية الأوقاف بالثغور والبنادر»، ثم أمر محمد على بإلغاء هذا الديوان عام مـ.
وفى عام 1851 مـ أمر عباس باشا الأول بإعادة ديوان عموم الأوقاف وأصدر أمرًا آخر لتنظيم عمل الديوان، واستمرت تلك اللائحة سارية حتى عام 1895 مـ ، وفى عام 1913 مـ تم تحويل الديوان إلى نظارة «وزارة».
وفى عام 1953مـ صدر القانون رقم 247 الذى قضى بنقل الإشراف على المساجد الموقوف عليها وقفًا خيريًا إلى وزارة الأوقاف، ثم صدر القانون رقم 157 لسنة 1960مـ الذى قضى بضم جميع المساجد الأهلية للوزارة.
وهكذا أصبحت وزارة الأوقاف مسئولة عن معظم المساجد فى مصر، ووفقا للموقع الألكترونى للحكومة المصرية فإن عمل وزارة الأوقاف يتلخص فى: النهوض بشئون الدعوة الإسلامية فى داخل وخارج جمهورية مصر العربية، حيث تشمل أنشطتها: العناية بالمساجد - رعاية الأيتام - بحث الأمور الفقهية - إدارة المراكز الإسلامية.
إذا كانت هذه هى مهمة وزارة الأوقاف، فما هى مهمة الأزهر ؟
الحقيقة أن الحديث عن الأزهر الشريف يتطلب مجلدات وليس مقالا، لكن يمكن تلخيص دوره فى جملة واحدة بسيطة جدا: القيام بشئون الدعوة الإسلامية داخل وخارج مصر.
إن واقع الدعوة الإسلامية فى مصر الآن يقول إن الأزهر هو الجهة الوحيدة المسئولة عن إعداد وتأهيل وتخريج الأئمة والدعاة والوعاظ من خلال جامعة الأزهر وقبلها المعاهد الأزهرية، ثم يلتحق معظم هؤلاء بالعمل الدعوى فى المساجد التى تشرف عليها وتديرها وزارة الأوقاف !
رغم أن المنطق يقول إن الجهة المسئولة عن إعداد الدعاة ينبغى أن تكون هى نفس الجهة المسئولة عن المساجد التى سيعملون بها لتستمر فى أداء دورها الدعوى بالإشراف على هؤلاء الدعاة وتطوير مستواهم وأدواتهم ليكونوا أكثر فاعلية وقدرة على مواكبة احتياجات المجتمع والظروف التى يمر بها.
إن المتغيرات التى يمر بها العالم الإسلامى الآن فى ظل انتشار الجماعات المتطرفة والتكفيرية لا تستلزم فقط العمل على تجديد الخطاب الدينى، ولكن تتطلب أيضا تطوير الداعية والخطيب أيضا، وتفعيل دور المساجد فى الحياة العامة، وكل ذلك تحت إشراف المؤسسة الدينية الرسمية وهى الأزهر الشريف.
وفى ندوة بالأهرام منذ يومين عن الأزهر الشريف نظمتها وادارتها الزميلة الاستاذة مروة البشير محررة شئون الأزهر بالأهرام، تحدثت فى هذا الأمر مع بعض قيادات الأزهر المشاركة، وكان الاتفاق على أن اشراف الأزهر على المساجد هو أمر منطقى وينبغى أن يكون، رغم أن الأزهر لديه الآن مهام عديدة وقد لا يرغب فى إضافة أعباء جديدة على كاهله، ولكن منطق الأمور ومصلحة الدعوة الإسلامية يتطلبان ذلك.
أما موضوع الأوقاف بحد ذاته فيستحق إعادة دراسة عاجلة، فهناك مشكلات كثيرة يعانيها ـ وفقا لرأى الخبراء ـ من بينها ضآلة العائد من استثمار أموال الأوقاف منسوباً إلى حجم الأموال المستثمرة، فحجم أموال الأوقاف فى مصر يصل إلى 5 مليارات جنيه تدر عائدا بمقدار 100 مليون جنيه أى بنسبة 2% رغم أن هذه الأموال مستثمرة فى قطاعات (الاقتصاد المختلفة، الزراعـــــة الصناعة، التجارة، العقارات) وهو معدل استثمار أقل بكثير من السائد فى الأنشطة المماثلة فى الدولة.
وضياع معظم أموال الوقف والاعتداء عليها نتيجة كثرة القوانين والتشريعات.
وانخفاض الوعى بأهمية الوقف الذى بدوره أدى إلى عدم إنشاء أوقاف جديدة على الرغم من أهمية الوقف فى حياة المسلمين.
فلماذا لا يصبح الأزهر مسئولا عن كل ذلك وهو الأقدر على إدارة شئون الدعوة الإسلامية.
كلمات:
تراكم الثروات المفرطة مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد