سامى عبد الفتاح
حتي لا نسقط في فخ المزايدة
الثمن غال جداً.. ومؤلم جداً.. ضحايا جدد في مباراة كرة قدم. بعد ثلاث سنوات بالتمام والكمال لكارثة استاد بورسعيد. يسقط ضحايا جدد.. مصريون وأبناء لهذا الوطن. لا يهمنا أن يكونوا أهلاوية أو زملكاوية. فهم أبناؤنا واخوتنا وأهلنا.. رحمهم الله جميعاً. واحتسبهم عنده شهداء في جنات النعيم بإذن المولي عز وجل.
الصدمة كانت أقوي علي من أن أتحملها في وقتها. رغم أنني كنت في عملي واتعامل مع الموقف بثبات مهني.. إلا أن قلمي وعقلي لم يتفقا معاً. قبل أن ألتقط الأنفاس. واستوعب أبعاد الكارثة الجديدة.. ولكن أزعجني جداً أن كل البرامج "التوك شو" تحولت للحديث عن الكارثة. بصراخ وعويل. واتهامات سابقة التجهيز. ومعلبة. وأغلبها تفتقد إلي أي معلومات دقيقة. يمكن أن تحدد من خلالها المسئول عن هذه الكارثة.. ولكن بقيت الداخلية والشرطة هي الحيطة المائلة التي يلقيها عليها كل فتاي. وإن كنت شخصياً لا استبعد رجالها من بعض المسئولية. لغياب المرونة في التعامل مع الموقف علي الأرض. وهذه ألف باء الإدارة التكتيكية للأزمات والتحديات.. مثل إمكانية فتح الأبواب لامتصاص التكدس الذي كان السبب الرئيسي في الوفيات والإصابات التي حدثت.. ولكن قبل أن نلقي - حتي - بهذه التهمة يجب أن نبالغ في التباهي بصورة المعرفة بالأسباب من كل من هب ودب. إلا من كان شاهد عيان في الموقع. وقت حدوث الواقعة.. وهؤلاء عليهم أن يتقدموا بشهادة الحق إلي النيابة. وليس إلي الإعلام والبرامج التي تهيص وتظيط. ثم يصيبها الصمت المفاجئ. مجرد أن تجد قضية أخري تهيص فيها ومعها.. التحقيقات لابد أن تأخذ وقتها ومجراها. ولكن دون إبطاء.
فما أسهل أن أقول رأياً في الكارثة. يتفاعل معه البعض. ويكون سبباً في زيادة حالة الضبابية حول التفاصيل المطلوب كشفها بسرعة.. وإن كان لي تعليق بسيط جداً. لا علاقة له بكشف أسباب الكارثة. وهو أن من غير المقبول أن يرمي الإنسان نفسه في التهلكة. وهو ما نهانا عنه الله في كتابه العزيز. فمن يري أن الخطر يحيط به من كل جانب. فليس من الحكمة أن يندفع إليه بقدميه.. وهو رأي قد يكون صادماً للكثيرين. إلا أنني لا أخشي في الله لومة لائم.. وما أكثر المصائب التي أوقعنا أنفسنا فيها نتيجة سوء التصرف وغياب الحكمة. وأيضاً ضعف الرؤية والتصرف السليم.. ورحم الله الجميع.